الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

إيمان .


س : تعرف إيه عن إيمان ؟
ص : ما وقر في القلب و صدقه العمل .
س : لأ يا خرا .. أنا باقول تعرف إيه عن إيمان مش الإيمان .
ص : ما وقر في " قلب " و صدقه " عمل " .
س : أحا ! مش القصد . أنا أقصد إيمان البنت .. البنت يا أخي .
ص : آسف ! ما وقر في قلبها و صدقهُ عملها .
س : هي مين ؟
ص : البنت .
س : آه . تعرف إيه ؟
ص : أعرف بي .
س : لماذا أنت سخيف للغاية ؟
ص : و لماذا أنتَ مُلغِز ؟
س : فين الإلغاز ! أنا بسألك عن إيمان .
ص : فيه مليون إيمان علي وجه الأرض البسيطة للغاية ، و يمكن أكتر . و كلهم متوقفين أو موقوفين .
س : أف !
ص : و ليكُن . إنت عايز تعرف ليه ؟
س : عشان أتطمن . أحسم موقفي منها .
ص : فعلاً ؟ يعني لو كان ردي إيجابياً سيخلتف موقفك عن ما إذا كان سلبيا ؟
س : لا تحدثني بالفصحي .
ص : حاضر . لكن أجبني .
س : بالتأكيد . بالطبع . أوف كورس .
ص : ليه ؟
س : عشان إيمان .
ص : و ما الفرق ؟
س : الفرق بين إيه و إيه ؟
ص : بين إيمان و إحسان ، بين إيمان و إيناس . بين إيمان و بين أي جثة تانية .
س : لا أعرف .
ص : إذن . ممكن أقل لك دلوقت أعرف إيه عن إيمان .
س : فعلا؟  إيه بقا ؟
ص : ما وقر في القلب و صدقه العمل .

الثلاثاء، 16 أكتوبر 2012

يارا



كان معانا بنت جميلة في ابتدائي . اسمها يارا . الوحيدة اللي كانت شقرا . و جمالها مُلفت . أنا كُنت بحبها . بس ما كُنتش باقول . كانت فاشلة . و أنا كُنت باقعد في آخر دِكَّة . لما كانت بتلتفت ، و شعرها يتحرك كُنت بنسي إني في آخر دكة . أو نظري ضعيف . خمس سنين ابتدائي و أنا منطوي . اتصالي الوحيد بالبنت بالذات بييجي في إطار جماعي . كُنت لما بحب أخليها تاخُد بالها مني أبدأ فقرة المُهرج . كُنت مهرج الفصل . باقدم فواصل كوميدية مضحكة ليهم . ما كانش بيبسطني وقتها حاجة غير إنها مبسوطة بدا حتي لو شايفاني أراجوز . عمرها ما أولتني اهتمام خاص . كَوني مهرجاً و كحيان . و أخير الدكّة . مرة كانت سوستة بنطلونها مفتوحة . أنا ما اعرفش حاجة عمَّ تحت السوستة . كل الولاد تداولوا الأمر و أصبح نادرة . اتكلمت عنها و اتريقت عليها .انتقاماً . أنا مُهرج . مُهرج . نفس السبب اللي تجاهلتني عشانه . نفس الأمر اللي هانتقم منها بيه . بعد كدا بقيت طول الوقت بتريق عليها . دي مش أغنية " يارا " بتاعة فيروز . دا حصل . 

الاثنين، 15 أكتوبر 2012

الضحيَّة




فاضل أيام قليلة علي قدوم العيد الأكبر . عيد اللحم و الجلد و الفراء . مازلت مش قادر أهضم المدة اللي عدت من وقت رمضان . شاعر بخللٍ زمني ما . و كأن تجاوزنا السرعة الطبيعية لعبور المُدَد .

مش قضيتنا . مش قضيتي . دا العيد اللي بيحلو لي تسميته عيد القَتل . الاحتفاء الشعبي بالدم . أو الاحتفاء الشعبي بالدم البديل . الحدوتة معروفة ، و أنا مش براجع تاريخ الأديان .

آمر . زي اللي ذهب بإسماعيل _ السامع لله _ للنَحر . الآمر . دعاني أكتب و بانفذ دون وعي أو علم . ماشي في نور الله ماشي إلي الورق / الجبل . نام إسماعيل ووجهه للسماء . ثم أدرك الصعوبة علي الفاعل . فانقلب و ووضع وجهه في حجر . تقف الكاميرا .

يتراجع إسماعيل في آخر لحظة . بعد إبدال المذبوح . بعد مقايضة المنحور . باعتبار الحيوان صاحب الفرو أدني . الآمر . يدعوني للكتابة .

ترك إسماعيل الصخرة . غمس يدين في الدم و طبعهما في الحجر . عاش إسماعيل ! عاش بفضل الخروف .

....

إسماعيل أحسن حظاً من يسوع .عيسي . أو . إسماعيل أكثر واقعية و برغماتية من عيسي .

الأحد، 14 أكتوبر 2012

هوامش .


1
في الكُتب .. غالباً ما بيكون فيه هوامش . جمع هامش . سطور قليلة بتوضح نقطة في المتن ، أو بتذكر اسم مرجع ، أو بتنقد نص في النص الأصلي للكتاب ، مكتوبة بخط أصغر .. و جاية من رقم جنب الكلمة الأصيلة أو نجمة مصمتة .

الكلمة مهموسة _ من جهة اللغة _ هامش .. ششش .. ههه .. . هادية و بعيدة عن الوشّْ ، بعيدة عن زحمة الكتاب . في حين إنها بتوضح الكتاب . و في حين إنها بتوضح الكتاب .. لو افترضنا _ زي ما بيحصل في كتب كتير _ مجموعة صفحات للهوامش في الآخر . بالطبع لو قرأتها ورا بعض هتكون في معظمها مجموعة جُمل متتالية غير مترابطة . معلومات .. و بترجع تبُص في المتن عشان تفهم .

طبعاً الكتاب نفسه كان مجموعة من الهوامش يوماً ما . قبل الطبع و التحميض كان مجرد أفكار مبعثرة علي طرف ورقة كشكول . أو مجموعة اقتباسات و خطوط و خرائط يدوية لا يفهمها إلا كاتبها . أو .. لا يفهم سياقها إلا كاتبها . ثم يأتي الكتاب محملاً بهوامش و توضيحات . الهامش أولاً .. الهامش أخيراً .

2

لو جرَّدنا كُل إنسان من الحشو . لو أعدنا صياغة الكون كله في المُفضل فقط . لو أزلنا كُل الشعر الزائف عن أجساد حيواتنا . الساعة القديمة و الصليب الخشب . علبة سجائر بها سيجارة مركونة من ال92 .

3

زي ما فيه الهامش ، فيه الهاموش .. زي الساطور ، و الناطور ، و الخابور ، و الخازوق ، و القانون .. و الناموس ، فيه الهاموش . الهاموش مجموعة رذيلة من أطفال الناموس . يصعُب قتلها لصغرها و كثرتها . و بارعة في تكدير المزاج العام .

4

طول الوقت ما كُنتش أحب أقرا هوامش الكتب . خصوصاً الكتب اللي هوامشها مجموعة مراجع . و سنين و أسماء علماء . الهامش الطويل بس اللي كان بيستفزني لإنه غالباً بيبقي توضيحي . مش مجرد هامش توثيقي . صحيح منظر الهامش القصير رائع . لكنه مُخِل .

5

في مقدوري تعديد أو تعداد مجموعة من الهوامش الكاتمة علي الحياة ، ع الصورة . طفي السجاير و الولاعات . نوع السلسلة اللي إنتَِ لابسها / لابساها . كلمات من لهجتك الخاصة . في رأيي دا سخيف . مش الهوامش . التعداد أقصُد . لأنه دي ما أصبحتش هوامش مع الأسف . خلوها الناس إكليشيهات و موضات ولايف ستايلز . الهوامش الأهم بيخبوها . و لما بتظهر مِفرِد مِفرِد بيخافوها . مع إنها أجمل و أروَق . لكن الناس خايفين من تشارلز دارون و من احتمال وجود ديل في تاريخهم الحيوي .

6

انتهي . 

أغنية شتوية .


الشمس المشمشية
بتسلُخ في التراب
و أشعتها الغبية
بتعاكس الغراب
يا بنت الحشرية !
ما تتضايقيش الاكتئاب
روحي م اليمَّة دية
و يزيدك ثواب !
أخلصنا له النية
و أكلنا الهباب
أصبحنا مراكبية
و أمسينا ف العباب
طشينا الملوخية
و شهقنا اغتراب
و قفلنا الناموسية
و هشينا الذباب
و كتبنا أغنية
خالية من السُباب
ما تخفي الأذية
علي جِلد السحاب
...
صوبنا البندقية
لدماغ الصواب
و غنينا أغنية
علي سَكَرات رباب
غنينا للأبدية
و الميه ، و التراب ..

أبو علي _ 14 أكتوبر . 

قلبي يحدثني بأنهُ مُتلفي !


كُنت بافتح علبة السجاير الكليوباترا ، اللي بالطبع سرقت فلوسها من البُك الخاص بأمي . و سحبت أول سيجارة و باحاول أدور علي فعلٍ ما يجاري السيجارة حتي نهايتها ، خلال المدة ما بين إشعالها بولاعة مكتوب عليها marlboro  كضرب من مفارقة سقيمة .. و الانتهاء من تلتها الأول كان قلبي بدأ ينبض بوتيرة غير تقليدية . المسألة أشبه بمصروع محبوس في قفص ضيق ( مشهد في شيرلوك الصغير بتاع باستر كيتون ) و بينتفض بعنف . العنف خوِّفني . أو ، إن الوتيرة اللي نبض بيها و انقبض قلبي هي موَّلدة الخوف ؛ بمعني أن الخوف مش رد فعل تجاه الوتيرة السريعة غير المنتظمة لارتباط عضلة القلب .. بل إنه الحركة غير المنتظمة هي عين الخوف و الخوف عينها .

بواعز من الخوف / الانقباض . قُمت ندهت علي أمي . قِلقِت _ و خصوصاً _ إنها مريضة بما يسمي " الرفرفة الأذينية " و اللي تشخص تماماً بالعارض اللي حصل لي .

شافت نبضي ، و حطت إيد علي قلبي ، و ما اتضطرتش تكشف صدري للوصول إليه .

للأسف قلبي كان استقر . من ندالة العرض إنه لا يواتيك حيث يجب أن يواتيك . إيه فايدة عرض أو مرض لا تقدر تؤكده للناس ! مش مهم الناس . المهم الطبيب . و إذا كان العرض لا يأتي و إنت في العيادة ؟ دا يستلزم إما أن تنتظر في العيادة حتي يأتيك اليقين . أو ، تتصل بالطبيب عندما يأتي المساء .. رغم إنه مش مُحبذ ، لأنه مش مؤكد . أو ، تتجوز طبيبة ، أو تخلف طبيب و هي حلول بعيدة المدي . و فيه حل آخر ممكن .. و هو إنك تشتري كاميرا و تخلي شخص ما من المحيطين يصورك أثناء إتيان العرض . وهو حل جميل بس مش متوفر بخصوص أعراض زي الإمساك و الإسهال و ألوان البول و البراز .

خدت منها اسبرينة " كاردكسين " دوا القلب الشهير . نصحني الوالد مشكوراً بالتقليل من الشاي التقيل و البُن المحووج و السجائر .




السبت، 13 أكتوبر 2012

الخروج من الخندق .


1

فيه فترة من حياتي كان أنيسي ، أنيس وحدتي فيها مخدَّة .. محشيّة ريش نعام ، صغيرة جداً و بتشوِّك ، الريش كُنَّا واخدينه من عمتي . القماش المكسية بيها رديء نوعاً ما بس كُنت بحب نقشته و بحبها . كيس المخدة كان مكتوب عليه اسمي " أحمد علي زين العابدين ". اللي حاكُه كان حما خالي و صديق جدي الصدوق . المخدة كانت الصديق الأقرب في الفترة دي ، لما حبيت أول مرة شُفت البنت في المخدة . كانت زي المخدة ضئيلة . في المرة اللي بعدها _ في الحُب _ كان فيه مخدة تانية ، قماشها متشرمط . القطن و بذره خارجين من مِزَقها . كُنت بالبسها كيس ضيق جداً فتظهر ممشوقة / مكتومة / مصمتة . كانت جنبي تاني مرة أحب . تالت و رابع و خامس مرة ما كانش فيه مخدات  . كنت علي سرير سوستة في مدينة جامعية .
مؤخرا ما بقيتش أحب ، و مش لاقي المخدتين . ومفيش ملاية للسرير . المخدتين اللي تحت راسي عريانين و وسخين ، في احتياج شديد للنضافة . أنا ما بتغطاش من فترة لا بكوفيرتة ولا بطانية ولا لحاف .

2

زمان _ في رمضان _ كُنت أنا و أختي بنلعب لعبة غريبة ؛ ننزل تحت أكوام من اللحفة و البطاطين و نتغطي تماماً ، و إحنا متخيلين إن برا الغطا جليد .كنا بنحب روسيا و درجات الحرارة تحت الصفر في النشرة الجوية . بنحب التلج عشان بنحب نتدفي منه . كان الفانوسين _ اللي جابتهم جدتي لأمي ولسه عايشين _ بيكونوا معانا تحت الغطا . و نسعد بشعور الأمان المصنوع تماماً . أبويا و أمي كانوا بيخافوا علي أختي مني لأسباب جنسية . إحنا ما كُناش بنعمل تحت اللحاف أي حاجة غير تنوير الفوانيس و تخيُّل معارك وهمية بين الشيوعيين و أنصار الرأسمالية ، الخير و الشر . الخير ممثلا في سلفستر ستالوني و الشر في وجه محمود المليجي القاسي . رجال غلاظ شداد حاملين بنادق كلاشينكوف و مدافع جرينوف . و إحنا _ تحت الخندق الوهمي _ في أمان من الأصوات . ما كانش فيه شيء بيقطع الخلوة و يضطرنا للخروج من الخندق و الرجوع للأصوات غير صوت واحد .. صوت أمي و صوت المدفع ، مدفع الإفطار الطيب العتيق . نطلع ، نطفي الفوانيس ، ناكُل و نكرر التمثيلية في يوم تاني من شهر رمضان .