الجمعة، 11 أكتوبر 2013

هل الحُب _ فعلاً _ وهم ابن متناكة ؟



1
على صعيد العلم؛ لغويّاً، بيولوجيّاً، نفسيّاً و اجتماعيّاً فالجُملة صحيحة. لكل شيءٍ أصل، و الأصل يُجازُ عنه في محكي المصريين بالمرأة المتناكة، رغم أن لا تصريفَ سليم لصيغة "متناكة" في العربي الفصيح. و كذلك يرى فرويد أن الأم و الأب هما مُسببا الانفجار العظيم _و لا أدري سرّ عظمته_ و من ثَمّ الكَون و فِعل الكَون المُضمَر في اللغة العربية .
على صعيد آخر؛ فالصورة حلوة .. اللعب على مفارقة الولد و البنت و الكورنيش و الحجاب و الجدار القديم و خط الرقعة و المداهمة المكتوبة على الحيطة "الحُب وهم ابن متناكة"، و التي قد يُشك في مصداقيتها لكون الولد و البنت همّا اللي في عُمق الكادر.
من ناحية تالتة؛ هل الحُب _فعلاً_ وهم ابن متناكة؟ الصراحة لن أقرر الآن. أولاً لإن الصورة/الكلمة لم تكن لتكتسب تلك الأهميّة المتمثّلة في الإعجاب الافتراضي (اللايك و الشير و ما  إلى ذلك) إلا إن كانت تحمل صدى ما؛ صدى الاتفاق المُقتنع بالجُملة، أو صدى المعترض بقوة لخوفه الشديد من صدق الجُملة، أو غير ذلك و لا أعتقد أن هُناك غير ذلك. أي بصورة أو  بأخرى؛ هذا "الوهم ابن المتناكة" يكتسب وجوداً حقيقيّاً كردّة فعلٍ عليه. و ثانياً: لا أعرف إن كان هناك ثانياً و لكنها العادة المُتّبعة في إشعار القارئ بأن الكاتب ذو دماغٍ مُنظم . لزومُ المهنة .
شخصيّاً ؛ منظر البنات و الشباب فوق الكورنيشات في كُل مكان رحته في مصر كان دايماً محل تساؤل بالنسبة لي، ليس سلباً أو إيجاباً، إنما حيرة مُطلقة. هل يُحب الولادُ البناتَ على الكورنيشات؟ أليس هذا _فقط_ مرتَعُ التقفيش المقدّس؟ ثم أنتَ تعلم الباقي، باقي سلسال الفكرة التي تؤدي بك في الآخر إلى أن الناس هي اللي بنت متناكة، و ليس الحُب. أنت ترى المُحبين في الأفلام؛ السامباتيك المُطلق. كل النساء مناسبات لكل الرجال الذين خُلقوا للنساء اللاتي خُلقن لكل الرجال المناسبين. البارح كُنت أخبر صديقي أن الحُب يفتقد للمكساج. لا يوجد تزامن في الحُب. شريط الرجل ليس _ بالضرورة _ راكب فوق شريط المرأة على الحواف من الصفر للنهاية. سامحَ الله السينما. هذه مثلاً أكبر مشكلة في ما يقولونه لكَ في الأفلام . الحُب يفتقر لكل ما تعالجه السينما من ديفوهات الواقع. ثم يبيعك المنتج إياه كوصفة الأسد السحرية التي ستجعل قضيبك ولا قضيب القطر، و أنت غلبانٌ و تُصَدّق . تُصدّق لدرجة أن تكون معاناتك قائمة بالكامل على مُفارقة التصوّر، التصور الذي  يمنعك أن تتصور أن بنتاً قبيحة تُحبُّ خَولاً من كامل قُبحها، و تمنعك أن ترى الحُب إلا في الشجرة و عصير الليموناضا، و تغفل تماماً عن أن الكُشري هو الراعي الرسمي للسواد الأعظم من المُحبين و الوحيدين. و لو وَهَبنا (و أنا هُنا أدشدش تركيب عربي) أنّك وجدت شريكتك التي بالضرورة _وبالمناسبة_ ستكون وهماً خاماً، خالصاً، صِرفاً، محضاً، مُجرّداً، قُحّاً .. ووصلتما لذروة العلاقة ستنتهيان و لا محالة إلى طريق من اتنين؛ المصحّة أو المشرحة ، أحدكما أو كلاكُما . و السبب قد قُتِل شرحاً .
و ما قَد قُتل شرحاً لا أفضّل إحياؤه، و لكن الأمر صفصف في ما سبق على أن الحُب _حتى الآن_ ليس ابن متناكة ، بل أنتَ و هيّ _فقط_ اللي ولاد متناكة.

2
سأسرد قصة وهمية؛ عن الخراء، و ليكن فيها أن الخرا قد وجدَ شريكة دربِه، و لتكن خليلته اسمها "خريَة"، و نكحَ الخرا خريَه . و حبلت الخرية بخرية جديدة، و جاء موعدُ الولاد ، و أخذنا في الحُسبان أنّ آلام الطَلقِ أشدُّ من آلام الإخراء، بالنسبة للأنثى، السيدة "خرية" على الأقل. فهل يا ترى يا هلتره تمحو آلام الطلق آلام الحزق؟ أي هل يُخلَّصُ المولود من كونه خرية صغيرة بألم أمه الخرية الكبيرة ؟
و لزيادة في التوضيح فالسيد خرا و زوجته خرية إن كانا قد تورّطا في دروبٍ أُخرى، و أخرا .. ماذا قد يزيد الطينة بلّة ساعتها؟ أسوأ ما في الأمر أنه بدلاً من أن يكون الناتج خريةً صغيرة سيكون حلزوناً هائلاً من الفضلات. و من هنا نجد أن مغزى الحدوتة هو السيّان. السباق ليس سباق فوز بقدر كونه سباق تقليل نقاط. كل ما تستطيعه هو تقليل ما تحمل من قطران. و في هذه القصة نجد أنه سيّان أن يكون الحُب وهم ابن متناكة، و ألا يكون الحُب وهم ابن متناكة، أو أن تكونَ سيادتك و سيادتها أولاد متناكة، أو لا تكونا (مع أنه غير واقع بالمرّة).

3
حتى الآن لم أعرف مدى صدق المقولة، بتنحية القائل المجهول على جنب، و على سبيل مداعبة الفكرة أحب أقول أن هناك خطأً آخر؛ وهو أن الوهم لا يكون أبداً ابن متناكة، الوهم، اسمه وهم، و إن كان ابن متناكة فهو أصيل، و لا يكونُ الوهم أصيلاً غالباً، في طبقاتٍ بعينها، و فئات بعينها، و لكن و بما أن الحُب حاطط على الجميع، فهو إمَا أصيل ، و إمّا هو وهم أصيل . و أخيراً و جدتُ إجابة ، هبلة و لكنها منطقيّة لحد كبير.
إن كان الوهمُ أصيلاً فهو بالضرورة لقضاء حاجة، و قضاء الحاجة ليس دناءة، و لكن التورية دناءة. و إن كانت التورية دناءة، فليس ثمّة مشكلة إطلاقاً مع الحُب، الذي بالطبع لا نعرفه و لا نراه حتى في أعياده الرسميّة . و ليست في الوهم الذي نسميه حُبّاً ، لإنه إجمالاً الموهوم مريض و ليس على المريض حرج . المُشكلة لم تكن إطلاقاً مع الوهم ، المشكلة دائماً مع الواقع .
و الواقع يقول أن ما يمكن أن يكون حُباً لا يوجد فيمن يعانون من قلة الحُب، و لا فيمن يلوكون المعاناة من قلّة الحُب، و لا فيمن يقفشّونَ على الكورنيش، مع أن رواد الكورنيش معذورين أكتر من غيرهم، و لكنه ليس حُباً أيضاً، و كذلك ليس ما يدين به الشُعرا و لا الأدبا و لا الفنانين حُب . إنه لا يربو على تقفيشٍ من درجة و طبقة أخرى .


هذا ، و بالله التوفيق .





الخميس، 10 أكتوبر 2013

الحُمّى الثانية الأرضية .



الوطن مهلكة
انقطع الطمثُ و الأمل
و حبال السُرة ، و الغسيل
مفرود على ورقة كشكول
ملفوفة الأحلام في باروكة
عشرون عاماً من الأسلاك و التجعيد .
و لا هاردَ ديسكٍ قد يحتويني ..
أنا فلاشةُ التايوان
أدخُل و أخرُج في السوكيتات الدَبِقة
نزقي مكبوتٌ بفعل الفورمات
و لا لابَ توبٍ قد يضمّ .

الحُمّى

كانت لي نتاية ،
كحبوب الباراستيمول خفيفة .
( زوبعةٌ في الفناجيل )
كلّ متني و كُلٌّ متني
أُخرّفْ ؟ لقد بلغتُ الزيتونة !
لا شرقيّة ولا غربيّة
طريقك زراعي يا حبيبتي
و الحوادث على قفا مين يشيل .
أبولُ بيرَة و كركريه .
عابقٌ بصنانة المعيشة .
أروي عطشي و محنتي
بالدمّ و السناكس .
أشاهد العالم مُفكوكاً
و لا أعيدُ تركيبَه .
يدهسني الجمبري فأدهسُ الصراصير
يدهسني المشروم فأفعصُ الكورتيزون .
من يعوزه البيت في الحياة غيري ؟
العِرَس و السكاكين .
أينَ أنتِ يا حبيبتي يا بنت الكلب ؟
أين انتِ يا لبوة ؟

الواقعة .



1
كنت ، و مازلت و اعتدت الكتابة على ورقة ، قلم حبر 7 مل أزرق ناعم على السطور ، قارح في قلبي ، و بعدها ، و أثناء استمرار ممارسة عملية الكتابة على الورق الحيّ ، جربت شكل آخر من التدوين و هو الكتابة على كيبورد الكومبيوتر . المتعة التي تنتابك خلالها متعة تانية غير نشوة الكتابة نفسها ، البوح نفسه ، الحميمية نفسها ، النشوة / حادث النشوة الحاصل وقت كتابتك على كيبورد كومبيوتر عادي نشوة موسيقية ، نشوة تدافع الحروف في راسك زي الحروف الموسيقية 

في النوتة ، و يا حبذا لو كنت بتكتب و إنت بتسمع مزّيكا ، صولو شديد الوطء يا عزيزي . صولو بيانو سريع و متوسط و متدفق و متتالي و متتابع و مستمر . الموجة بتجري ورا الموجة عاوزة تطولها ، الكتابة للاسبب سوى لذة تعويض الحرمان الافتراضية من بيانو كبير ، جراند بيانو بأوكتافات من الأغلظ للأحد . بيانو حقيقي كفتاة أفكاري . انسياب يديك الاتنين و بدون بدالات على الكيبورد له لذة الدق و العفق على البيانو ، روعة ما بعدها روعة ، نشوة تعادل نشوة الخلق ، أول مرة أدرك إن للسرعة نشوة ، نشوة السرعة ، أو سرعة النشوة ، بس التانية عارفينها و عايشينها طول الوقت مع الأسف و الألم الشديدين . أما الأولى جديدة ، عليا أنا ع الأقل لإن أول مرة أجربها ما كانش من زمن طويل . تسقط الهمزات مع سرعة التايبينج ، بس نشوة سرعة التايبينج ما تمنعش من تقليل السرعة أحياناً لضبط النوتة . سرعة النشوة محزنة ، نشوة السرعة زي نشوة الطيران المستحيلة ، النشوة اللي قصفت جدور رقبة عباس بن فرناس رحمة الله عليه و يبشبش الطوبة اللي تحت راسه قُل آمين . تزيد النشوة مع زيادة قدرة الكيبورد على التسارع ، العجلة ، السرعة على الزمن اللعين . العجلة من الشيطان و الشيطان برّا الزمن . كيبورد اللاب توبّات اسرع من كيبورد البي سي هات و خُد و على كُل لون يا باطسطا . ما هي الباطسطا ؟ هل هي بطاطا ؟ هل هي بطاطس ؟ هل هي عجين من الاتنين ؟ أم هو باتيستا المصارع الشهير ؟ من الواضح و الأكيد أن الباطسطا شيء شعبي بدليل ظهور مثل ( شعبي ) عنها ، و يبدو أن الباطسطا لها القدرة على التلوّن . تُرى الباطسطا حرباية ؟ و لكن الحرباية صحراوية و نحن أهل ريف ، لا نرى إلا الحدايات تخطف أرواح الكتاكيت و أهاليها . اللهُ يعلم بخصوص الباطسطا و رسوله و المؤمنون الريفيّون / القرويّون المصريّون . أنا لا أعلم تماماً ، أنا لست حضاريّاً البتّة ، و لا الوزّة حتى ، و لست كذلك ريفياً صرف ، لست شمالياً ولا جنوبيّاً ، أنا زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها ينطفئ بعد كل وَلعة سيجارة و طلعة نهار . الله يعلم متى سأنطفئ و رسوله و العرّافون . أتمنى الآن ولا أتمنى غير الآن . غير أن أمنيتي يعوقها انكسار الميم و الخاء في الكيبورد ، على كُلٍّ .. أتمنى و بشدة و من كل قلبي أن أطلق ليديّ العنان و أترك السيجارة في فمي تشتعل حتى آخري و حتى آخرها  ، و حتى لا يتبين الخيط الأبيض من الإسود من الحقّ ، لا أرمي الطفية في الطفاية ، و أتركها تسقط في عيني أو على رجلي و تحرقني بنار الغيرة ، أتمنى ألّا أنظر للكيبورد أثناء الكتابة و بعده إلا بعد النهاية للتصحيح السريع و الغير أكيد أيضاً  و غيضاً دون فَيضْ، أتمنى الكتابة على رتمٍ سريع و راقص كما يحدث الآن مع باخ ، كيف يحدث الآن مع باخ و هو قد مات أو توفى لأجل غير معلوم ؟ الله يعلم و رسوله و الموسيقيون الكلاسيكييون و قسس الكنائس ، و محبو الجاز الإسود و خلافه . أتمنى ألا أخطئ و لكنه هيهات ، بُعد ما يتمنى أبو علي و غير أبو علي ! توقفت أطفي السيجارة مخالفاً أمنيتي العزيزة و تابعاً مخلصاً لغريزتي في البقاء على قيد اللائحة اللاقحة . تمنيت تمديد المُتعة و لكني محاصر بتقليص الضرر الناجم عن فعل الحياة و ظاهرة الحركة . أتابع باخ بسمعي و يداي مخلصتان للرتم قدر إماكنها . تقاسيم جولدبرج . في أوروبا لهم أسماء عجيبة  ، فيتش و إسكي و برج و ووف . لماذا يُطلق الناس الأسماء العجيبة ؟ الله يعلم و رسوله و آدم و علماء اللسان و المُخ . لم أركب حصاناً ولا بغلة ، و لا عجلة و لا عربية ، و لا بُراقاً و لا بُساط ريح و لا بساط أحمدي أو علويّ . عندما كنت طفلاً سألت لماذا لستُ نبياً ؟ و لا رسولاً و لا وليّاً ؟ و لا وليّة ؟ قالوا الله يعلم و رسوله و المؤمنون . لماذا لستُ الله و لا رسوله ولا المؤمنين ؟ هذا سؤالي يا باشوات ! و لم أعرف ، و عادي لإن الله بعدها بسنين عددا لم يٌكلمني في المهد صبيَاً ولا كهلا ، و لم يعزّيني بالبيانو الكبير ، اشتريت ناياً و لمم أجد من يعلمني إياه . توقفت عن السؤال لإني بالفعل أعلم أن الله يعلم و لكنه لن يعلمني . لماذا لا تخلص الصفحة التانية ؟ زهقت من الرطّ و اللت و العجن و الخبز و البحث عن إجابة ، و زهقت من تكرار اللازمة . إسرح يا عزيزي و انس الفكرة ، إسرح و اترك اليدين على الغارب و لنر من أسرع ، أنا أم باخ ، باخ اللعين بن اللعينة ، ابن اللعيبة ، لقد تركت يديّ بالفعل ، يداي صارت أسرع من أفكاري لوهلة صغيرة ، و لكن لحسن أو حزن حظ القدر أن الكيبورد ليس سليماً معافى بنسبة تقارب المائة في المائة حتى ، قلت إن الميم و الخاء مخلوعتان ، أي كلام و أي هري لكي لا أقف ، لا ألاحق ولا أجد ما يدور في عقل بالي ، تُرى ما هو عقل بالي ؟ هل هو عقلي الباطن أم هو لا شعوري بالحياة ؟ لا أعرف ، و لا أ عرف من يعرف هذه المرة ، و لكني متابع مخلص للرتم ، أتابع و أحاول الكيب جووينج / الاستممرار ، في مجاراة ما  يكتبه الرجل ، هذا الرجل باخ في نوتته الموسيقيية بيدي العاريتين . ، يدي العاريتين لا تغريان أي أنثى ، أفكر في تقليد مايكل جاكسون ، بعدها صار مجرماً ناعماً و أتقن المون ووكر . كنت أعتقد أنه كلما كتبت كلما تخلصت من عبء اللغة ، و لكن الأمر كوميدي كالكاميرا الخفية ، و هو إنه كلما كتبت كلما مارست اللغة أكتر كلما تشبثت بك أكتر ، اللغة ليست حملاً في حد ذاتها ، لكن لا تحشرها في رأسك الضيق كي لا تموتا سوية . اللغة كأي نشاط يموت مع الإهمال و البُعد تدريجياً ، البعيد عن العين بعيد عن القلب ، و البعيد عن العين و البعيد عن القلب بعيد عن العقل ، و البعيد عن التلاتة هو في الجنة لإنه بها ملا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر . فيروز قالت إن الوقت بيقتل الحُب و الحشرات المنزلية ، و إن الحُب بيقتل الوقت و السُرعة و العجلة و المُتّجه . غرفتي في الدور الرابع و البلكونة صغيرة و السور قصير و أنا لديّ رهاب الارتفاع ، و رغم كدا مازال الطيران نشوة ، أعوضها بالكيبورد و الأوتوكوريكت . مثانتي فارغة كعقلي الآن . و قلبي يشاور عقله الفارغ ، عقلي ..الفارغ منه بجنيه رهن الرجوع . أيظنُّ أني لعبةٌ في يديه ؟ أنّى له هذا ! مشاعر الناس مشاع . مشاعر الناس شبه بعضها طالت أو قصرت رفعت أو تخنت أو أبيضت او اسمرًت . مش معنى إنن اللغة ممستويات تبقى طبقية . اللغة مزيكا و مستوياتها زي مستويات المزيكا ، فيه مزيكا جميلة أياً كان نوعها ، و فيه مزيكا رديئة أياً كان نوعها ، و اللغة شرحه ، و العقل أسمى من محتوياته كما الأخلاق أسمى من ممارساتها . فمفيش مبرر او دليل على إن اللغة رقيها من رقي العقل ، و غن رقي اللغة دليل على رقيّ الفكرة ، الفكرة كُل و اللغة شفرة ، و الشفرة مالهاش لزوم إلا التعبير ، و تغيُّر شكل التعبير مش معناه رقيه عن شكل تاني أكتر شيوعاً ؟ بلا كلام فارغ . و الكلام الفارغ أكبر دليل على إن اللغة مش عُليا ، الكلام الفارغ مًفيد في لإثبات حاجات كتير لمُحتاجات أكتر .  هذا الحديث قابل للزوادة مش للنقصان ، و إن قُفِل فدا لدواعي الزهق الموضحة أعلاه على ما أذكُر ، و إن قعدت تاني مع ناس و مفيش شيء ممكن يُقال أو في راسي مش هاتكلم ، الكُل بيعمل كدا و انا هاعمّمه على نفسي .

2

كان من الممكن  و المرشح بشدة أيضاً للحدوث أن يسوء اليوم أكتر ، و معنى هذا السوء و هذه السوأة إنه لن تنجز أي مهام حيوية إطلاقاً ، و لكن الله كريم ، حقيقي و حقيقة لا شك فيها ، السكوت علامة الرضا معظم الوقت .  تمشية طويلة في وسط البلد الفارغ إلا من الأسفلت و عساكر المرور . السما عالية و النور لما بيقطع السما بتضيق . ملحوظة قديمة للغاية و لكنها مازالت قائمة بدوام انقطاع الكهربا المتناوب . سُبحان الله ! أكلنا و دخنّنا و شيّشنا و قرقرنا و الحمد لصاحب الحمد . اكتشفت بعض فرق الديسكو في الطريق إلى البيت ، و موسيقى السبعينات جميلة للغاية ، أين إنتِ يا بيونسيه ؟ الانشغال بعد تلبية الحاجات الطبيعية مُربك ، بعد تلبية الأساسيات تنشغل بها دوماً ، قبلها تصبح فيلسوفاً راضي عن الحياة قسراً . هذا ليس وقت تسريع الرتم ، هذا وقت مقسوم و هادئ . أترى إني لا أعرف ان الكلام ردئ و عادي ؟ عادي يا أخي . عادي جداً . الشغف عاد من جديد ، الارتباط بالكيبورد ، ولا بالكتابة ، نشوة التكنيك ، نشوة الآلة مرة تانية . أقرب إلى حُب النوم الآن ، و لكنها لذة الاستمتاع بالسعادة . إنت عارف إنه من الهبل بمكان ترك السعادة إلى النوم ، صحيح النوم نهاية سعيدة للغاية ، بس نهاية ، و النهاية في حد ذاتها أمر حزين . النهاية السعيدة الوحيدة لازم تكون استمرارية و مُطلقة و خالدة و إلا العدل اشتغالة . الناس و الملح كلوا وشّي ، و عوامل التعرية و عوامل الاشتراك مع الأرقام الفرديّة . فكرت في أول الأمر أكتب قصّة ، و لكني افتكرت إني حاولت و فشلت و قلبت مقلب كوميدي في نفسي في آخر الملفّ و زهدت في الموضوع . إنت تعرف ؛ طبعاً الإنسان ممكن يكتب أي حاجة و يقول دي قصة ، ممكن يقعد الكاتب يوصف تلات ساعات بما يعادل 200 صفحة بمعدل قرائتي في عقارب الساعة الحزينة و كيف إن نحتتها موحية بأحداث الرواية ، و كيف إن دا أسلوب و طفرة في السرد ، و لكنه طفرة في السرتنة ، و هلم جرّا بقا ؛ وصف ساعتين كمان في ميدالية المفاتيح و صوت هزهزتها في الفراغ الفسيح . لقيت إن في نفس الوقت القدرة على صياغة أحداث محبوكة أصلح لفيلم منه لرواية . في الأول و في الآخر الرواية لغة ، و اللغة لازم تبقى جميلة على أي صعيد أدبي و إلا بالسلامة . و لقيت إن الشعر قيد ، و لكن يظل قيد له احترامه اللي أنا عارف إني لو دخلته هابقى مجبر على احترامه على صعيد الشكل بس ، لكن هيكون المضمون مش مضمون إطلاقاً ، تقليد ، صيني فرز تاسع و تسعين . لذلك ما زال الشكل دا أقرب أشكال اللغة أقرب لقلبي و لدماغي الثرثارة .
حالياً ما عنديش أي مانع فكري أو نفسي من تكرار الحديث عن نفس تجربة كتابة الكيبورد و القلم و الورقة إياهم او إياهن . تجربة جديدة أنا شخصياً لسه واصل للصورة المثالية لتنفيذها حالاً ، رايت ناو و رايت هير . عيد كتابة نفس الفكرة و المشاعر بعد مرور كام ساعة ، في نفس النطاق الزمني المحصور بين قوسين هما صحيانك من النوم و مرواحك للنوم . جرّب الفكرة و لغتها و كل ما يمكن يتبني عليها حتى لو كان تافها و ساذج و عديم القيمة . بعدين نبقى نشوفه ، المانع الوحيد اللي ممكن يعطلني هو تُقل جسدي و قلة نومي . المانع الوحيد جسدي . حجر الزهر ، شايل زهرتين صغيرتين في جيبي الورّاني ، غالباً لغن الحظ برّاني . رخيصة الفكرة ؟ و رخيص مطلع الأغنية . بس معلش ما جاتش عليا . لأ ، جت عليا بزيادة عن اللزوم و لذلك رخصت الفكرة .

.....

خاتمة :


راحوا الحبايب ، جدتي و أول بنت . راحوا . مش سامع غنيّة راحوا ؟ أنا وحيد و الكلاب مجاميع . ليه يا إلهي ما باقعش زي أي كلب فوق كبّود ؟ قريت فوق باب محل " المجد للمجهولين " ، انبسطت و حزنت لإن المجد مستحيل ينال مجهول . المجد كدبة زي عودة الأموات . راحوا الحبايب ؛ و سابوني في الأسفلت وحيد في نص الليل . بطلت أحرك وشي تجاه البشر . كل كلاب الشوارع بتبتسم لي . بصيت في عين حصان كارّو و انكسف منّي . أنا شايف نفسي من فتحة الكاميرا ، كان نفسي تبقى بنت بدالي في البلاتوه . لكن الجميع نايم ، و بيشخّر . أنا فرصتي أحسن في الخلا في الشخر .  فتحة الكاميرا زي شُرّاعة بيت جدتي . الكاميرا مش ملكي و الخام مش كتير .