الأربعاء، 30 سبتمبر 2015

غازات .

أي أفكار طول ما هي في حالتها الغازيّة بتكون كبيرة و ملحميّة، دا طبيعة الحالة الغازيّة مش طبيعة الأفكار نفسها. بيبقى همها_الأفكار_كله مُكرّس على التضخم حتى لو كان تضخمها عَدَمها للأبد بالنسبة لمكانها و زمانها. لما بتسيب حالتها الغاز غصب عنها تحت تأثير البرودة الطبيعية للدماغ بتكشّ و تكرمش و كثافتها تزيد، بس بيقل حجمها، فبتظهر هايفة. يعني سُبحان الله يكون دليل حقيقيّة الفكرة هو أكتر مظهر واضح لهيافتها. 

الحالة الغازية تأسر الصراحة. التحرر من المعنى و الكم و الأُطُر، التحرر من الأهميّة و يبقى مصدر الأهمية و المعنى و الكم و الإطار الوحيد هو الحالة نفسها، التحرر من الأهمية شيء له الأهمية القصوى ف حد ذاته.

خط سير الحياة فيزيائي جدًا ف الطبيعي؛ من غاز لسايل لصلب لبِخ المادّة انحلّت، و لما بيبقى إنسان غازي في شيخوخته بيحتقروا مُراهقته، و بيحتقروا المراهقة عمومًا كإنها عار ماكانوش مغموسين فيه يومًا ما. و لما بيبقوا معادن صلبة في الصغر بيحترموا و بعدين يتبضنوا، دي طبيعة السايل، شرموط، مالوش رب و لا هوية و مايع، الوَسَط المُطلق ابن المتناكة.

عمومًا أي حكمة موجودة ف الكلام فانتُم فهمتموها من غير أقصد لإنكم صُلاب، و أي تأويلات لا نهائية و انفتاح مُطلق لإنكم سوايل، و اللي خَد الكلام رماه البحر كإنه ما شافوش فله جنة الهيليوم .



الاثنين، 28 سبتمبر 2015

زاي .



مُفتاح/






ما كُنتش حابب انجرف للسكّة دي ف السرد، غالبًا عشان عاديّتها المُطلقة و مُفارقتها لأي نوع من الدراما أو المأساة الأصيلة أو الخطيئة الأصليّة أو التقليد. بس باحسد حد زي "هيثم شاطر" على شطارته في إنه يروي شيء في منتهى العاديّة. آسف؛ خانني التعبير، أقصد شطارته في إنه يروي أي شيء بمُنتهى العاديّة، العاديّة أسلوبه قبل ما تكون موضوعاته. فعلًا ما عنديش أي غرض من كتابة الكلام دا غير كتابة الكلام دا، يمكن بعدها ما ابقاش مُضطر أحكي، يمكن بعدها أسكُت، يمكن أنام، كُلها أسباب ماديّة جدا، زي مدوّنات هيثم.






____






الواقعة/






في الكلام مع الناس، و كل ما تحكي شيء لُه معنى ف حياتك لازم تدّي الناس اللي بتكلّمهم مفاتيح الدوال اللي تخليهم يصدقوا إن الشيء اللي بتحكيه دا له معنى ف حياتك. رغم إنهم على جميع الأحوال و أيًا كانت مساحة الموضوع اللي هتحكيه من حياتك و من القيمة و من الواقع و الحقيقة مش هيكمّل معاهم لآخر القعدة، و صدقني..لو تجاوَز القعدة..طول الوقت طول الوقت هيكون ذكرهم_حتى لو متفهّمين و مصدقين_للموضوع دا يا إما داخل إطار السخرية و الحفلة، يا إما داخل إطار انتقادك اللي طول الوقت بيكون خلاصته مهما اختلفت الموضوعات إنه غنت مش ناضج كفاية.






ف الكلام مع الناس بتدّي الدوال و تفضل مكرّس اللغة لتوضيح الدوال بدوال جديدة لحد ما تضيع النقطة و تذهب ريحكم، و يبقى اللي كنت هتحكيه مُجرّد دالة في واقعة تانية مع شخص تاني في ظروف غالبًا مش متقاطعة، و تبقى طول الوقت نواياك بالنسبة للوقائع التالية لها محض فكرة عامة و الوقائع بالنسبة لنواياك تقاسيم و ارتجالات حد الحيود التام عن الفكرة .





مثلا؛ دا اللي حصل حالًا، كنت هاحكي شيء و لمرتين كتبت مُقدمة، أو كتبت مقدمتين، تمهيدات، preludes، ف الشيء ما اتحكاش و إنت زهقت و انا إيدي وجعتني .






علشان أحكي حكاية البنت، مضطر أحكي حكاية شغلي و نوعه و تفاصيله و الفئات اللي باتعامل معاها، و لازم أحكيلك حكايتي كل مرة أحب واحدة. لأ! و مش حكايتي كلها ف اتجاه واحد أو موضوع واحد زي الحُب، لا لازم التفاصيل و التباديل و التعاشيق و التوافيق.






البشر برضو بيلجأوا للبريلودز كتكنيك، مش كقناعة، مش جازستيّة البشر على ترومبيتات و بيانوهات. مش سود البشر كفاية تجرأهم يدخلوا ف الحوارات بسرعة. بس البريلودز تكنيك أنضج، ع الأقل مش كلاسيكي، أو مش موغِل ف الكلاسيكيّة. و يا أخي سبحان الله! حواديت البريلودز هي حواديت الحشو، بس نقلها من الاول للنص بيمسخَك كلاسيكي أو تافه زيك زي موسيقى easy listening. الأولانيين يوم ما ربنا بيكرمهم بيكونوا مسددين ديونهم من زمان و سالمين من حُمّى الفلاش باك. البريلودجيّة حيتان اعتراف و بَساريا ف الحدث و ما يليه، التانيين بيرتكبوا و بعدين يفبركوا النيّة. ملعونين مُفبركين النوايا.






المُهم؛ شُفت بنت من أسبوع ف المحلّ و سحرتني و حاولت أوصل لها حُبي السريع و فشلت، بدون أي اختصار .



السبت، 31 يناير 2015

رُكام نُص الليل 3

الساعة تلاتة و نُص عصراً، بعيد جداً عن نُص الليل، و بالتالي ما تصحّش التسميّة، بس اللي اتسمّوا بنفس الاسم ما انكتبوش اتناشر صباحاً، ما انكتبوش نُص الليل حرفيّاً، فالتسمية هاجراهم و همّا هاجرين التسمية، يمكن تكون دي أكثرهم ارتباطاً لأنها الوحيدة اللي انكتبت في(نص) وقتٍ ما، هوّ نُص الليل بيعني الساعة اتناشر صباحاً بس في الغالب بيتقال على عموم المنطقة دي من الوقت و ما بعدها. عند المصريين نُص الليل بينقصد بيه الساعة 2 و3 و 4 صباحاً، و كأنّ الليل ستّ ساعات أوّلهم اتناشر. تالت تدوينة في بحر نُص يوم، في بحر اتناشر ساعة، و بنفس الاسم مع تتابع رقمي. خلينا متّفقين على إنها مش أكتر من الرغبة اللي بتحرّك هيّ اللي دافعي للكتابة لتالت مرة في بحر نُص يوم، مدفوع بالقصور الذاتي للوَهَج، و الشوق الشديد للمدوّنة شخصياً كمكان مش حقيقي باشعُر بحقيقيّته تماماً زي شعوري تجاه صوت موتور الغسّالة. و بالنسبة لكونه رُكام؛ فدا نتيجة منطقية لإنه من فعل القصور الذاتي، مُجرّد مراكمة و تزويد و تنويع على نغمة وحيدة. نفس النغمة هيّ النغمة الرئيسة في كتابة اليوميّات. السنة اللي فاتت كان مُعظم الآداء في اليوميّات قائم بس تقريباً على أزمة الرتابة، والوحدة، و التكرار و الوحدة أيضاً. و العَجز و التحقق الكامل للرتابة كان في آخر المحاولات في اليوميات بتاعة السنة الفائتة للتخلص من الحديث عن الرتابة، مش التخلص من الرتابة. كان الوعي قاصر عن الأمر اللي كُنت باطرحه بالليل في التدوينات اللي فاتت، عن إن الحركة مش خارجيّة. كُنت مُنجرف ورا الميكانيكا، ورا طاقة الحركة رغم إن طاقة الوضع أصعب و الاستاتيكا أصعب. برضو مش عاوز يتبادر للذهن انحرافي عن الجدل و الركون للمثالية، مش دي السكّة، و مش الغرض تفضيل طاقة أو نقيض على آخر، في الأول و الآخر كل اللي بيقدر ينتجه المرء هو الحركة، لكن الحركة مش طرف نقيض، الحركة هيّ العملية الجدلية نفسها، و التناقض بين سكون و تحرّك هو تناقض بين معنيين مش حقيقتين، بين صورتين عقليتين و دا يخلّي الشكل دا من الصراع صراع لغوي حول كلمتين و مفهومين متناقضين ظاهريّاً. بالمناسبة ظاهريّة السكون شيء حقيقي و ما يضرّش حتميّة الجدل و الحركة بل يؤكدها. من الأفكار المتعلّقة بالموضوع دا إنّي أعيد قراية اليوميات، فكّرت في كدا كام مرّة، و قراية يوميّات أمّي اللي لقيتها في أجندتين أخبار اليوم قُدام. التحليل مش هيضر و هينفع على كام صعيد في الحالة دي. في الحدوتة بتاعة الإنسان و السلحفاة و استحالة سَبق الإنسان للسلحفاة اللي اتحرّكت قبله بسبب إن الإنسان مُضطر يقطع نص المسافة بينه و بين السلحفاة و عشان يقطع نص المسافة مضطر يقطع نُص نصها يعني ربعها و بعدين يقطع تُمن المسافة و بعدين يقطع واحد على ستّاشر من المسافة لحدّ الصفر، يعني الإنسان مش بيتحرّك، الحدوتة الكارثة في التراث الفلسفي، هيّ كارثة فعلاً عشان تقريباً ما حدّش فهّم دين الفيلسوف(هرقليطس تقريباً) إنه ما بيفترضش أمر واقع، هو بيقلب الأمر الواقع، يعني بيشغّل الفيديو بالمقلوب، يعني حكمه على الحركة مقلوب و بالبطيء، يعني كُس أمه، شُكراً.

رُكام نُص الليل 2

السنة الفائتة ألفين و أربعتاشر سنة القتلى و المُصابين و الموتى الأحياء سنة مشحونة بالنسبة للجميع إلاي. و بما إن الناس نامت إلاي برضو و إن مافيش قارئ لي إلاي و إن إلاي عاجباني و باكررها عشان عاجباني مش عشان الفائت حقيقة أو ألحان، فالتذكّر في الحال دا نوع أرقى و أزيَف من التبوّل الإرادي في الشتا القارص* بالنسبة لعالم حارّ، التذكرّ سُكّري* اللاشعور و اللازمان. فيه حقيقة أو حقايق متناقضة بخصوص التذكّر مناقضة تماماً لبعض، مثلاً كون التذكّر أمر شديد الصعوبة في حياة زاخرة بالأحداث و الأفعال و الحركات، للتلاحق و لإن ماحدّش بينزل نفس النهر مرتين فحتّى الذكرى صورة، و ساعتها تبقى الذكرى في ذاتها عمل إبداعي لأنها إعادة ترميم للواقع اللي وقع، الحادثَ اللي جرى على سبع شرقاوي*. قصادها الحقيقة المناقضة تماماً إن التذكّر على نفس درجة الصعوبة في حياة فارغة من أي حدث مادّي أو رمزي، لأن الأحداث في حياة زي دي سبرتو أحمر مُركّز لا وسيلة لحفظه غير الوضع في قزازة. التذكّر شيء صعب لأنه من عمل السكون في الواقع و الخروج مؤقتّاً من الحركة، في الواقع كمان إن تعبير(الخروج مؤقتّاً من الحركة) بيهدم نفسه لأن الوقت حركة، و السكون لو اتعرّف بمقتضيات المادّة المتوفّرة منه هو نوع من الحركة في اتجاه آخر أو على مستوى آخر، و دا يعزّي أصحاب القلوب الضعيفة العاملين بأدمغتهم مش بأيديهم. بسّ إحنا مش عاوزين نعزّي العَطَلَة، بس بالمُقتضيات نفسها، السابقة، فالعَطَلة عَطَلة مُخ، لأن التذكر وعيّ و استقراء و تحليل و استنتاج، الزمن مش أحداث. فالعاملين بأيديهم و أرجلهم و المش عاملين بأيديهم و أرجلهم مش هيعرفوا أي حاجة إلّا لما يكون عندهم قدر يسير من تذكّر مش مبني على الأحداث.
هيّ الفكرة مش جديدة و موجودة من القرن الستّاشر. مش في محل بحث الفكرة لكن لازم نتَّفِق على إننا كلنا عاجزين عن التذكّر. أنا حياتي عبارة عن تأرجح غير منتظم بين حياة الفعل و فعل الحياة، بين العمل بالإيد و بين العمل من غير إيد. و مثال البشريّة الحقيقة طول الوقت هوّ اتساق العملين؛ واقع ينساق ورا المثال العقلي أو مثال عقلي يتكوّن من مواد الواقع. عودٌ للتبوّل الإرادي و التذكّر و انحطاط التشبيه من وجهة نظر البلاغيين العَرَب الكلاسيكيين، النُكتة في موضوع التبوّل و التذكّر إن "البال"و"البول"أوفعل"بال" نفس المادّة، البال الخاطر يعني و بالَ يبولُ، ما أحبّش أعلّق فالنوع دا من المشابهات حامل لحلاوته و طرافته جوّاه و الشرح قلّة ذوق. سنة ألفين و أربعتاشر سنة مش هيشتريها منّي المُنتج و صاحب المكتبة و أنا ما احبّش أتاجر فيها، اللهم إلا مع تاجر مُحبّ للفن التقليلي، هياخد لوحة بيضاء من غير سوء. كانَ عاماً شديد العموميّة.

* قارص: قارس، تغيير مقصود، التنبيه منعاً لأصحاب النفوس الضعيفة من هواة التفكّه في لغة خلق الله.
* سُكّري: مرض السكّر.
*سبع شرقاوي: أدهم الشرقاوي.



رُكام نُص الليل.

خلينا نكون صريحين، آدي جُملة، ولابُد ف يوم هتعود. آدي جُملة وحيدة بدئيّة مافيش وراها غرض قَبلي و سابق للكلام لكنها رغم كدا ممكن تبقى هيي بنصّها و ذاتها موضوع للكلام، و خصوصاً لما ما يُبقاش فيه مُناسبة أو أهمّية حقيقيّة للكلام، ماديّة و ملموسة و عينيّة. بيكُرّ الواحد خيط و يجري وراه و يظلّ على حاله لحد ما ينسى إنه فكّ الخيط عمداً للهو و اللعب. الاسترسال و التداعي جميل لأنه كاذب، و لأنه لا يعني شيء لحد غير مُنتِجه، التفلّت و التملّص و التخلّص و الطلوع زي الشعرة من العجين ما بيأكّلش. صاحب المصنع و صاحب المكتبة ما بيعيّنوش أطفال و ما بينشروش أحلام، الفلوس جرّاء مجهود في البُنا مش للهدم و التفكيك و التحليل و التدمير و ما دخل في مادتّه. التداعي أنقاض، و صورة الأنقاض حلوة لأنها بَنِت من العَدَم، و الحكاية عن الأنقاض لأنها أعادت تفقيس المعدوم، و أنا معرفش حاجة عنها طول ما هيّ في دماغك. عشان تجادل لازم تستخدم لكن و بل و رغم و مع ذلك، و إنت عاوز تهرب من المش مهروب منه.خلينا نكون صريحين؟ آه، مثلاً مين إحنا؟ و إيه اللي مانع التخليّة بيني و بينك و بين الصراحة؟ وإيه كميّة الحقيقة في الطلب و كام كميّة المجاز؟ لمّا الواحد بيختار ع الفرّازة بيتضايق، بيحسّ بسماجة و تفاهة معنى الاجتهاد في موضع العبقريّة، في موضع التلقائيّة و الحلاوة، مُستحيل قياس الموجة اللي بتجري ورا الموجة أثناء محاولاتها المستميتة عشان تطولها. اتكلّموا كتير عن الصنعة و الطبع في التراث النقدي العربي، أبو تمام و البحتري، جرير و الفرزدق، البحر و الصخر. على نفس المستوى تفاهة التلقائية و التداعي و البُنا و الحذلقة و الوسطيّة القحبة. كل خيط لازم ينفرد لآخره حتّى لو ما كرّتوش إنت بمُراهقة هينكرّ غصب بإرهاق و رَهَق. فيه مكان محدود لحكمة عن تحكّمك في اتجّاه الكرّ و مكرك في توجيهه، اسمعها و اسبقني على حكمة تانية عن العالَم الكُتلة المُصمَت بعيوبه و ميزاته و روعته و سماجته، اسمعها و اسبقني. أنا باطارد قطط شوارع حوامل كل ما اقفش جُملة تطوّح قصيدة و كُل ما امسك سطر ينحرق قُرآن. فيه مكان لخناقة عَ الهامش، اخسرها و الحقني، ساعدني في مطاردة قُطط الشوارع و اللي مش أدبي أو أدبي. انسلِخ سريعاً من الوزن. كل اللي بيكتبوا دلوقت، في أي مجال، ما بيعرفوش يوزنوا، الجُملة بذاتها موزونة، انسلخ. خلينا نكون صُرَحَا، دا جَمع أقوى من جَمع، رغم إن إحنا مش كتير، بس جمع أحلى من جمع، وقضا أخفّ من قضا على المعدة. الواحد ممكن يكتب أيّ شيء، في أيّ وقت، و يحطّه في الوزن أو براه عشان ياكُل و يشرب و يدفع الإيجار، و الواحد ممكن يكتب أي شيء في أي وقت و يحطّه في الوزن أو برّا التلاجة فيحمض. جزء كبير من الموضوع مرتبط بالقاري و البيع و الشرا و فتح الله، جزء كبير منه بيخلّي الواحد عطلان في البُنا و في التلقائيّة المُزيّفة و في الختام.