السبت، 9 أغسطس 2025

الحب في نص الليل.

من باب التجريب و التجريف، و التتابع هنا مش للتلاعب بالكلمات و إحداث جناس ناقص ملح أو تربية، لكنه صدقا تداعي و في لُبّ الأمر، قررت أكتب بلا ترقيم. أقصد بلا تفصيص و لا تخصيص للمكتوب في شكل فقرات مُرقَّمة أو معنونة. بلا ترقيم مش بلا علامات ترقيم. الأمر  إنه أنا بادئ بكذبة و مش هاعتذر عنها لإنها جميلة، و هي العنوان. في رأسي أمر لما يتكتب هيكون أقرب للحب في نص الطريق. مكان مش زمان. و نص الليل رغم إنه نصفه فلكيا لكنه واقعيا مش نصفه أبدا، واقعيا حيث كيف يفهم الإنسان الليل و كيف يتعامل معه، على الأقل في مصر، و مش دائما و مش في كل مكان لكن في مصر كلما قرّبت من المركز كلما تشابه الليل و النهار، و تشابهت العدالة و الظلم و تشابه الخير و  الشر في أكبر سيرك مفتوح للجنون الجماعي أو فقدان الاتجاه. باحاول أشغّل ميترونوم أو بوصلة في دماغي كلما تسرّبت الكلمات في اتجاه خاص بها أحاول أن ألتزم بالزمن و بالاتجاه.  نعود: .. أقرب لنصف الطريق مش الليل. مش أقرب مسافة بين نقطتين خط مستقيم، و دا ما اتعلمتوش من الهندسات اللاإقليدية في الأساس، اتعلمته من الحُب، و متاهاته، و قدرته على الحشو و الملء و الإنهاك و  المراوغة حتى لأكثر لاعبي الشطرنج تخطيطا للنقلات القادمة. قبل ما تشتهي القفز لاستنتاج إني باتكلم عن الحُب التقليدي بين رجل و امرأة فخليني أطمنّك إنه أنا باتكلم عن الحب التقليدي بين رجل و امرأة، و هو فيه حُب مادّي أكتر من حُب رجل لامرأة و العكس؟ بنته أو  حبيبته أو أمه و العكس؟بس دا إطلاق و تعميم لا أقصده أيضا. الحُب كما أقصده هو علاقة يجب أن يتوفر فيها نقص يستدعي الجذب و التكامل، سعي دائم لا يهدأ للارتماء بين ذراعين أطول و أكبر من الطرف اللي أمامك، و في اللحظة اللي بتقدر تفسر الذراعين بإنهم كينونة ما لإنسان سابق أو لاحق بيتوقف الحُب أوتوماتيكيا عن الحركة. اللغز بيتم حله و المتفرجين ما بيكملوش الفرجة.  أعود: مش أقرب مسافة بين نقطتين خط مستقيم إلا في عالم المثلث المستوي. و  المكان بيقدر يعيد تعريف الزمان حتى على الصعيد الاجتماعي و  بلا الاحتياج لأبرت أينستاين. و أي خلل في العلاقات بين الاتنين بيعيدوا تعريف الآخر، و موقفنا و موقعنا منه. هناك ميل أنتجته الفلسفات العقلانية لاحتقار المشاعر باعتبارها موضوعات تجربة و تفاوت، و هناك ميل عند الفلسفات الذاتية التجريبية لاحتقار العقل و اعتبار إن المشاعر، الأحداث الجزئية هي المادة الحقيقية للعالم، و لا يمكن فهم العالم خارج منطق التجربة. اعتبار إنه فيه إنسان لديه فُرَص علمية أفضل في فهم الحقيقة و في فهم العالم بينطوي على فهم قابل للقياس الطبقي بيقول إن من لديهم موارد و أدوات و ثروة هم بالضرورة يمتلكون الحقيقة. و الحقيقة إن هؤلاء امتلكوا كل شيء ما عدا الحقيقة، الحقيقة اللي بيمتلكها المحرومين من كل شيء سوى الحقيقة. و هل فيه حقيقة أكثر من الفقر؟ من الحرمان؟ من الجوع؟ من الرغبة الغير متحققة؟ من النقص؟ من الموت و من سفك الدم و من القهر و الاستغلال و الاحتلال؟ هل فيه حقيقة زي حُبّي ليكي اللي غير قابل للكسر، و غير قابل للاكتمال؟ لإنه حدث ذات يوم في نصف الطريق و في نص الليل؟ الصدفة لا يمكن فهمها تماما و لا يمكن بناء نظرية غائية حولها، مفيش غير محمود أمين العالم ممكن يكلمنا في الرطوبة دي عن الصدفة بهدوء و ابتسامة عالم فعلا. الصدفة غير مفهومة زي الشعور الغلس اللي باحاول أكلمك عنه، و اسمه الحُب، و كل مرّة بيتم إنتاج وحدة منه بيتسمّى الحُب رغم إنه مفيش حُب، حُب فعلا يشبه الحُب الآخر  بنسبة تزيد عن خمسة و أربعين في الميّه، اللي هي تشكّل الأساسات، المواد الخام المكوّنة للحب. مش أقرب مسافة بين نقطتين هي خط مستقيم و مفيش طريقة محددة و نهائية و موصوفة أقدر أقول بيها إني باحبّك و أكون مُقنع، لإنه خلينا صادقين يعني، إيه المُقنع أو المعقول في الحُب؟ مفيش طريقة موصوفة و نهائية طول ما أنا مش أمامك، و بكامل شجاعتي الخجولة خلف الورقة و القلم. عند الإنسان نازع ملعون للعقل، للاستقرار، للمترونوم و للبوصلة و من حقه، عشان يقيم الحضارة محتاج الساعة و البوصلة و المسطرة، و في نفس الوقت عشان يقيم هذا العاقل اللي ما بتطلعش منه العيبة الصراع، خلق الحسام و المقصلة و القنبلة و الحرب. كُنت أتمنى الحضارة تستمر لحد الفجر، لكن المواصلات، و الحر، و اللاتكافؤ، كلهم انتصروا للحرب، انتصروا لإن الحُب يُعدم في نص الليل.



 

ليست هناك تعليقات: