الخميس، 25 أغسطس 2011

لِنْدا / ستيلا / و أشياء أخري ..

 أنا ماليش أصل ، دي حقيقة علمية تاريخية تؤكدها الجغرافيا  ويبصم عليها السجل المدني و أوراق و أروقة الحكومة .. أمي من مكان و أبويا من مكان و أنا اتولدت في مكان تالت .. جميل ، ده مُجرد تأسيس ، ماليش أي ميول عائلية البتة ، بس اضطررت _ للأسف _ أروح أفطر يوم في رمضان السنة دي كالعادة عند عمتي ( في المنصورة ) .
أنا ما باحبش عمتي ، وباحب المنصورة .. بالمناسبة باضطر أيضا أزورها كتير ، وعرفت كتير في حياتها و جيرانها .. مش في مجال عرضهم .. خلينا في اللي يهمنا ، صديقتها الصدوقة ، مدام " لِندا " .

المنصورة مدينة عتيقة فيها طابع مصر أيام القديمة ، الشقة بتاعة عمتي إيجارها 5 جنيه تقريبا ، و قاعدة فيها من طلعة الدَّهر .. كان ليها جارة اسمها " لندا " مسيحية مصرية ، معظم حياتها هي و أولادها في أميركا .. ابنتها " دورا " بعد وفاة مامتها ( لندا ) بقت هي همزة الوصل الوحيدة .. بتكلم العمة كل فترة من أميركا ، ما يجيش ف بالك إني بادوِّن عن الوحدة الوطنية ، إنت حتي ممكن ما تقدرش تكمل الرغي ده لآخره .. أنا مش باعمل فيلم يوصف مصر الحلوة ولا يندم ع الوضع بكاميرا ديجيتال ، أبدا .. !

حكت لي عمتي كتير الكتير عن ولاء وحُب " لندا " لها ، الذي قد يزيد ع الأخوة بمراحل ، عمتي ثرثارة و ساذجة ، بتسرد تفاصيل مادية في الغالب ، بس أنا باخُد بالي من الخيطان اللي في النُّص ..
حكت لي إنها في آخر مرة قبل سفرها ، أهدتها برفانا تقريبا و قطعة قماش ، منبطةً إلي أنها قد تكون آخر مرة .. وصدقت .

دائما تحكي العمة هذه الأحداث منذُ عرفتها ، كل مرة .. بعد الغدا ، أثناء شُرب الساقِع ، تسرد نفس الأحداث بنفس التفاصيل بنفس الانطباعات ، وجدتُ عندها آخر مرة مفارش أرضية مكتوب عليها " ستلا " ..الأرضية عندها باركيه بالمناسبة ، انا باحب الباركيه ، كان نفسي أطلع بنت عشان ألبس كعب عالي و أدبدب ع الباركيه .. ما باحبش البيرة بس باحب شكل الكلمة ، وباحب التفصيلة دي في شقة عمتي ..

أنا فاكر المرة الوحيدة اللي دخلت فيها بيت ( لندا ) ، جلست ، وجدت عجوزا ترتدي قميصا قصيرا .. وكذلك الشغالة " عيشَة " .. التي تحكيلي العمة أن " لندا " تركت باسمها مبلغا وقدره في البنك .  
جلست مبلِّما ، ابتسم وفقط ، كنت لسه طفل سخيف ، شُفت الصليب ع الباب معدتي قلبت !
مع إن المسيح ما كانش بتطل من ناحيته ريحة زفارة ولا حاجة ! 

ماتِتْ لندا الطيبة ، و دورا بنتها في أميركا ، وعمتي الثرثارة علي قيد الحياة ، و الأنكي .. إن أبي الذي يضطرني دوما للذهاب إليها ما زال أصلعا بورا .