أ.ع : تحب نبدأ من مكان ما وقفنا المرة اللي
فاتت ولا نبدأ من جديد ؟
أ.ع : ( يبتسم بسخرية ) كوننا نبدأ من مكان
ما وقفنا دا أشبه بجلسات الاستماع ، في المحكمة ، أو عند الطبيب النفسي . إن جيت
للحق مافيش فرق كبير ، الاتنين بيناقشوك في كلامك ، وواحد غالباً إنت مُضطر تقول
الحقيقة ، و أفعالك و مشاهداتك ، و الاتنين بيفتشوا ف نواياك . وواحد شايفك مجرم
حتى تثبت براءتك ، و التاني شايفك بريء حتى تثبت إدانتك ، ع الورق ع الأقل . و
الاتنين مهتمين بسيرتك الذاتية ، مش عشان مهمّة للحياة ، بس عشان مهمة لشغلهم ، بس
الفرق الوحيد الأساسي بينهم إن فيه واحد غالباً إنت بتكلمه بمزاجك ، و التاني
مُجبر تتكلم معاه . الاتنين بيستمعوا إليك ، دي ميزة إن حدّ يستمع إليك . يصغي لك
، عارف إنت المُجرمين اللي بيجرموا لمُجرد الشهرة ؟ حاجة زي كدا ، فيه ناس بتجرم
لمُجرد لفت النظر ، و معذورين أحياناً ، لنفس الأسباب اللي حكينا فيها المرّة اللي
فاتت ، أزمة الإله ، بس من ناحيتهم بيتصرفوا على الشكل المعاكس ، من وجهة نظر
شيطانية ، أعتقد إن الشيطان بيتصرف من نفس أزمة الله بس بشكل أكتر أرضية و مرضيّة
، الله انسحب لإنه مش مريض ، الشيطان مريض بحُب الظهور ، عنده بارانويا هوّ و
نرجسي . حتّى الحكاوي الدينية تدّيك نفس المعنى . مش عارف ؛ بس أكيد إن النقيضين
بيطلعوا من أصل واحد . فيه وحدة بتحرّك كُل حاجة ، نفس الأسباب بس النتائج مختلفة
. دا معنى الحُرية بالنسبة لي ، إنت مش حُر في خلق الأسباب ، إنت حُر في خلق
النتائج . مُبالغ فيها شوية صح ؟ ممكن . لإن مش دايماً اللي إنت عايزه بيكون . بس
بيكون _ كعوض داخلي عنه _ شعورك بالعزا ، الاكتفاء ، إنك ما خذلتش أناك و لا حسّيت
بالخزي قصاد نفسك بارتكاب شيء ما لغرض مُلفّق .
أ.ع : بالراحة ! كُل دا عشان سؤال بسيط ؟
أ.ع : إحنا اتفقنا إن مفيش سؤال بسيط ، صح ؟
من المرّة اللي فاتت . بتنسى إنت أو بتتناسى عن قصد . المهم خليني أكمّل كلامي .
يعني .. لو دي جلسات استماع نفسي أو قضائي هيسيبوني أقول اللي أنا عاوز أقوله كُله
. ثمّ ، إنت ف أول و آخر الأمر قُلت إنك عاوز تتكلم معايا عشان تفهمني ، تخليني
أوضّح عنّي . أنا مش معترض على طلبك . بس أقلُّه ، سيبني أوضّح للآخر .
أ.ع : معاك حق . كمِّل .
أ.ع : شُكراً . كُنت باقول ، بافكّر معاك
بصوت عالي ، هوّ مش عالي بالنسبة لواقع نبرة صوتي إنما عالي بمقارنته بالصوت داخل
راسك / و راسي . كُنت باقول إنّ الشكل العزائي دا يبدو مثالي جداً . الخير من وجهة
نظر العَقل ، خير بالمفهوم الكانطي . بس خليك معايا دقيقة كدا .. و بعيداً عن
التسرّع و قوالة إن دا نوع من المرض النفسي . لأ .. خلّيك معايا . أنا ما باقولش
إنّ دا تامّ و مُطلق . و إن السكّة الوحيدة للتصرّف الصحيح هي كذا . أنا باقول لك
إن وجهتين النظر همّا اللي بيحركوا العيشة ، الضدّين إن أردت الوضوح . و بينهم
سواد عظيم من المخاليق ، المخاليط من السكّتين . مش الخير و الشر و الله و الشيطان
. لأ . إحنا مخلّطين مثال وواقع . و دا منطقي و مفهوم و علمي و حتمي . يعني الماركسيين
بيقولوا إحنا علميين صح ؟ بس أملهم في العدالة و انمحاء الفقر و المعاناة دا حلم
مثالي تماماً . طوباوي للغاية رغم آليّتهم العلمية في تطبيق الحلم دا ، فانتَ ما
تقدرش تمحي سكّة لصالح الأخرى إلا إن كانت الأخرى مسحوقة تماماً ، و تستحقّ شوية ،
مش هاقول لك كُل ، لأ .. شوية ظهور و اهتمام . أنا معتقد إن فيه صوت عميق إنساني
بسيط و بديهي موجود جوّه كل حد بيقول له إنت مش منفصل عن الآخرين .. يعني بصورة أو
بأخرى إنت مش مريض ولا نرجسي و لا يحزنون . ييجي الواقع يدمّر الصوت و الضوء و
الحُريّة ( شبه غنوة محمد منير الطول و اللون و الحريّة ) ، و غالباً الواقع
بيجبرك تتحرك في مسارات بعينها ، حتّى اللي بتدعي فيها الحرية و الانعتاق من نير
التسيير و إعلان مسؤوليتك الكاملة عن حياتك ، قبلها فيه مؤثّرات ، و لو أبيت ،
بتوصّلك لكدا . أنا مش باقول نساير الطبيعة و ناخدها على قد عقلها ، لكن في نفس
الوقت ما ننساش الأصل . نفكّر من غير حدود ، بس مش من غير بديهيات مش مستاهلة
تضييع وقت . إنت كُنت بتسألني نبدأ من الأول و لا من مكان ما وقفنا ؟ دلوقتي أقدر
أقول لك . نبدأ من مكان ما وقفنا ، و دا اختيار عِلمي و عملي معاً ، لإن لو تناقضت
أنا مع كلامي الأولاني في سياق جديد أقدر أدرسه ، و انقده . إنما لو بدأن من الأول
تاني و ناقضت نفسي هيبقى أشبه بكوني متّهم ، أو كذّاب . و أنا لا دا ولا دا ، أنا
إنسان فكّري بيتطوّر كل ساعة .
أ.ع : الحمدُ لله ! أخيراً !
أ.ع : ( يضحك ) معلشّ طوّلت عليك .
أ.ع : الله يطوّل عمرك .
أ.ع : شُكراً .
أ.ع : بمناسبة طول إجاباتك ، دا مش بيخلّيك
تعتقد إنّك مُدّعي ؟ بتحبّ تنظّر لكل حاجة ؟ لمجرّد الرغي و الاختلاف و احتلال
وجود الآخرين ؟ يعني .. كعملية انتقامية من اللي حصل لك قبل كدا ؟
أ.ع : وجهة نظر .
أ.ع : بمعنى ؟ صح ولا غلط ؟
أ.ع : ما اقدرش أحسم لك شيء زي دا ، لا إنت
مُحلل نفسي و لا أنا مريضك . أنا أقدر أحكي لك و أوصف لك مكون وعيي و اللي بيتداعى
معاه . وممكن نتجرّأ و نتبجّح سوا و نأوّله على هوانا الواعي ، زي ما بيتجرأ
النفساني كذلك . ممكن نكون على درحة كبيرة جداً من الصحّة و الصواب . بس أكيد مش
بنسبة ميّة ف الميّة . إن جيت للحق أنا شايف علم النفس درجة متقدّمة جداً و ملفّقة
بشكل احترافي من " الفراسة " العربيّة . علم الفهلوة العلميّة . ما
باقولش إنه كاذب أو مش علم . بس منطقيّاً يعني .. و بلغة علم النفس . إن كان فيه وجود
يقدر يفهم لاوعيي تماماً فلازم يكون لاوعي مكافئ . فكرة سينمائية و دينية و
أسطورية شويّة بس فيها قدر لا بأس به من المنطق النظري . و بما إن المنطق النظري
مثالي فهو غير متحققّ في الواقع اللي إحنا عايشينه . اتهرست الفكرة في أفلام تناسخ
الأرواح و نقل تجارب الاحلام عن طريق التنويم و نقل موجات الدماغ ، دي صورة من
الخيال ( العلمي ) اللي ممكن تنقل المنطق النظري الخيالي المثالي لحقل التحقق
التجريبي . دا شيء يدعو للابتسام بصراحة ؛ لإن المنطق اُعتيد إنه يكون جافّ و غير
رحيم . بس الشكل دا يدّيلُه صورة شاعرية و حالمة جداً .
أ.ع : يا صديقي . صح ولا غلط ؟
أ.ع : هوّ إيه ؟
أ.ع : كلامي عن تنظيرك اللي مُبالغ فيه .
أ.ع : قلت لك ما اقدرش أحسم .
أ.ع : بس تقدّر تقول إنت ميال لتصديق إيه ؟
أ.ع : طبعاً . بُص .. أنا مش شايف أيّ مشكلة
ف التنظير . في الأول و في الأخر تقدر تسميها " أنا مش شايف أي مشكلة إنّي
يبقالي وجهة نظر طويلة في أي موضوع " . الناس بتهاجم التنظير على إنّه سبّة .
بس هوّ مش سبّة و لا أزمة . لإن حتى اللي بينتقده هو كمان بيتحرك _ على ما أظن_ من
وجهة نظر . بس هو وجهة نظره تتلخص في إن يلا يا جماعة ما نشغلش دماغنا . لكنّ برضو
الواحد ما يقدرش ينكر إنّ فيه موجة مُقرفة و مثيرة للغثيان من الاستمناء الكتابي
اللي مدهوك بكلام شكله برّاق لكنه فارغ و عديم القيمة و الجمال . دي موضة
استهلاكيّة بحتة . تسليع التفكير بشكل محض . الرخامة و القذارة الغُفل . الادّعاء
القُحّ . البضان نيك . قلتهالك بكل الكلمات و الأشكال اللي أعرفها عشان الموضوع دا
بينرفزني قد ما بينرفزك . انتشر الخرا دا مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي زي
فيس بوك . الواحد ما عندهوش أي ازمة مع التواصل الاجتماعي .. إنما بقدرة قادر
حوّلها العباد لمواقع استمناء جماعي .. أحياناً باحسّ إن هوم الفيس بوك أشبه بمعبد
ملآن بعبدة سلاحف و كلهم بيمصّوا لبعض ، مفهوم بيمصّوا إيه طبعاً ! ادعاء الفكر و
المعرفة مش جديد و مبرراته مش جديدة ، هو مش أكتر من تكرار أكثر كرتونية بسّ
للحدوتة الأولانية خالص .
أ.ع : ممتاز إنّك ودّيتنا للنقطة دي ، و دا
يخليني أسألك .. إيه موقفك من العالم الافتراضي ؟
أ.ع : السؤال عامّ و مُبهم . بس تعالى نمسك
حتّة حتّة . مبدئياً هو اسمه " عالم افتراضي " ، همّا نفسهم معترفين إن
دي النُسخ التي كان يفترض أن يكون عليها كُل فرد من أفراد مرتاديه . و يبدو إن
معظم مُرتاديه فطنوا تماماً لإنهم عاجزين و مكسّلين يكونوا النسخ دي في الواقع
المَعيش . فقرروا يمارسوا الاستمناء طقس أساسي في حياتهم . و الأنكى ، إن
الاستمناء انتقل من البايت لغة جافا و إتش تي إم إل للغتهم اليومية و ممارساتهم في
الحياة . شوف إزاي ! يعني واحد كان عاجز و محدود حاول يمارس أحلامه ف اتحوّل هو
شخصياً لهلام . لمجموعة انطباعات إلكترونية ، فيه ناس أنا متأكّد إنهم في الواقع
لما بيبتسموا مُخّهم بينقل الإشارة دي " J " ، و لما
بيحبوا يبانوا بيتريقوا مُخّهم بقا ينقل الإشارة دي " :D " ، حاجة تدعو للضحك و الشخر و الأسى في نفس الوقت . يعنى
تقدر تقول التكنولوجيا رجعتهم لبداءة مريبة بدال ما تنقلهم لقدّام . رجعوا
يتعاملوا بالإشارات و الرموز و الشفرات مش لإن مكنون ذواتهم عصيّ على التوضيح ،
لكن لإنّهم بسطيحة لغة الصفر و الواحد . و لإنهم بقوا خايفين يقولوا لنفسهم إحنا
عاجزين .
يا أخي .. دول حتّى اللي قرر فيهم يمارس
أدباً افتراضياً بقا أكلته الآلة لدرجة إنه اتحوّل لأبليكاشن زي ترجمة بينج وجوجل
، كلام غير مترابط و غير مُجدي مُثير للمثانة . تيجي تسأل النطع من دول إنت فاهم
اللي إنت كاتبه ؟ يقول لك أحا إنت سطحي ، إنت حمار و ما بتفهمش . إنت مش مُثقّف .
و يزعلوا لما حدّ يتريق . طب ما إنت اللي تستاهل بكس أمك اللي يجرالك .
نقلوا الواقع لشكل مُشفّر رياضياً لفَرط
البوليستر اللي مهروش على أنويتهم . تلاقي الشيوعي التويتري ، و الناشط التويتري ،
و الشاعر الفايسبوكّي ، و الأديب الفايسبوكّي . و المصوّر الإنستجرامي ، و
الليبرالي المنتداوي . و غيرهم بلا أزرق كتير . دا حتّى فيه ناس زيهم ، روبوتات
برضو ، خدوا وجهة نظر الواقع الآلي في مواجهة الخيال الآلي ، فطلّعوا عاديّات آلية
. غريبة الجُملة شوية ؟ معلش .. بس هيّ كدا . يعني واحد ساذج ( في الواقع ) ، وهو
عارف إنه ساذج في الواقع ، لكن بما إن الناس مش عارفين إنه ساذج في الواقع يعمل
أكونت على كل المواقع و يمارس عاديته و لغته اليومية اللي هي مش يومية إطلاقاً ،
افتعال خام ، دا لو ممكن يكون فيه افتعال خام ( يبتسم للمفارقة المستحيلة ) . اللي
بتحشر و اللي بيحشر الشتيمة حَشر في كلامه عشان يظهر .. رجعنا للنقطة الأولى . كُل
الكلام و طُل الظواهر هترجعنا لنقاط أولى صدقني ، و قليلة لإنها أساسية . ربنا
يلطف بيهم ، دا كُل اللي الواحد يقدر يتمنّاه .
أ.ع : أفهم من كدا إنك ضد مواقع التواصل ؟
أ.ع :
لا يا سيدي . أنا ما بافهمش مواجهة الهشاشة بالعزلة . أنا بتعامل معاه زي
ما بتعامل مع الواقع . في الواقع أنا مهمّش معظم الناس ، في العالم الافتراضي
باهمّش معظم الناس ، اللي هارد عليه بذوق في الواقع هاعمل معاه نفس الأمر في
العالم الافتراضي ، و دا ينسحب عل كُل حاجة . الوظيفة الأساسية للمواقع دي دعائية
، ترويجية ، أنا ما عنديش مشكلة مع حد يروّج لكتاباته ، أنشطته عبر المواقع دي ،
دا شيء منطقي و مفهوم ، لإنه تطور في أساليب الدعايا و بيوصل لناس أكتر و بسعر
أقلّ . لكن أنا مش مضطّر اتحوّل أنا كمان لإعلان كبير و سلعة بشرية بيتزايد عليها
. أنا باروّج لكتاباتي على قد قناعتي بهدفي من كتاباتي . يعني مثلاً ، أنا مش عاوز
أنشر في كتاب . ومش ناوي ، في الفترة الحالية على الأقل ، عشان الأحكام المستقبلية
مُخزية في المستقبل ، و أنا بصراحة تعرّضت لجرعات كافية من الخزي تكفيني بقيّة
حياتي . أرجع لكلامي ؛ باقول .. مش هانشر ، و لذلك مكتفي بالمدونّة ، عملتها من
سنتين تلاتة ، غيرت اسمها من " مقلمة " ل " ملكوت_ مالاقوت "
و ثبتت على كدا . مالهاش جمهور ، و ما عنديش أي أزمة مع دا ، لإنّي باتعامل مع
المدوّنة زي بيتي . بترتيب معيّن و بألوان و خطوط معينة ، نسق معيّن نفسي أوجده ف
بيتي زي ما نفسي ما باعمله في المدوّنة . و زي ما دماغي بتفكّر و زي ما أنا حابب
حياتي تكون . الموضوع بسيط يعني . كُنت بانشر التدوينات قبل كدا على الفيس عشان
" الجماهير " ، بعد كدا مسحت معظم الحاجات اللي كانت محطوطة على الفيس
لأسباب كتير من أولها ركاكتها وصولاً لإنّي عاوز اللي يقرا ليّا يقرا ليّا بشروطي
، مش بشروطه . أنا مش سلعة إلا بالقدر الطبيعي لمفهوم السلعيّة ، اللي إحنا كلنا
بنمارسه بدون ما نضطر نكون محض كيس شيبسي و لبانة و سيجارة مستوردة بنتفشخر بيها
على معارفنا .
أ.ع : كام نقطة فرعية ممكن يتلخصوا في سؤال
واحد ، قد يكون مُكرر ، بس لازم ينسأل .
أ.ع : اتفضّل .
أ.ع : قُلت " لإنّي باتعامل مع المدوّنة زي بيتي . بترتيب معيّن وبألوان و خطوط معينة ، نسق معيّن نفسي أوجده فبيتي زي ما نفسي ماباعمله في المدوّنة
. وزي ما دماغي بتفكّر وزي ما أنا حابب حياتي تكون . " ، دا مش شبه اللي إنت لسه
بتنتقده ؟ إنك تطبق افتراضياً اللي إنت عاجز عن عمله واقعياً ؟
أ.ع : ( يبتسم ) إنت ما فهمتنيش ، و ما
ركزتش في كلامي . أنا قلت ( عاجزين ، و مكسّلين ) . بص ، حيواتنا كلنا فيها عوائق
صعبة ، يمكن تكون مستحيلة نجتازها ، بس كلنا عندنا أحلام ، من أول اللي عاوز يتجوز
و يخلّف و يستقرّ ، و دا حلم بسيط و مشروع جداً ، لحد اللي عاوز يطلع القمر و يبقى
رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ، و دا حلم ما اقدرش أقول إنه مش مشروع . و كلنا
بييجي عليه أوقات الواقع بيلتهم و يقول : خلاص ، مفيش حلّ ، انا جبت آخري . أنا
ولا حاجة ! انا فاشل . شوية الإكليشيهات البضان دي . بس لو إنت فعلاً مهموم بتحقيق
حلمك / ذاتك ، بتنتحر عشان توصل لأكتر صورة مشابهة من اللي في مُخيّلتك ، طبعاً كل
جهد مناسب للحلم اللي بيحركه . دي في الصورة الطبيعية للأمر ، الدراما التقليديّة
كدا . فيه ناس حياتهم عبث ؛ بيبذلوا و ما بيوصلوش ، مش هابرر الأمر و أطلعه مفهوم
و منطقي و إنه دا اللي لازم يحصل لهم ، لأ .. دا مش لازم و مش مقبول يحصل لهم بحال
من الأحوال . بس دا هيدخّلنا في كلام كتير عن السياسة و النظام و دا مش وقته ،
أجّله لمرة تانية ، تالتة بقا ( يبتسم ) نرجع ليّا و للعاجزين الافتراضيين . لو
جيت عملت استبيان عن معظمهم هتلاقيهم فعلاً كسولين ، و مش سعداء بالصورة الفلسفية
الهبلة . لأ همّا حزانى و مرضى اكتئاب و لكنهم فارغين تماماً . عندهم أحلام باعوها
في سبيل شوية نوم و لامؤاخذة سكس . عارف ( استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير ) .
أزمة بني إسرائيل البضان ( بعيداً عن صدق القصّة لكن مغزاها صادق و موجود ) ..
شعوب بحالها كسولة و عاوزة كُل حاجة في كبسولة .
دا كله ، أو معظمه جاي من ثقافة كاملة قايمة
على الاستهلاك . قايمة على قناعة إن العِلم عملوه ناس عشان يريّحوا الناس التانية
. المفارقة هنا إن جميع الأطراف بتمارس ثقافة الاستهلاك بنظام من ضخامته تحس إنّه
مقصود و له غاية . لكن الاستهلاك لمّا بيتحول لثقافة بيفقد أي شكل من أشكال الغاية
. همّا العاجزين الكسولين دول دي أزمتهم الرئيسية . أنا أزماتي الرئيسية واقعية
جداً ، حتّى الرفاهيات اللي عاوزها مش استهلاكيّة . أنا عاوز اتعلّم مزيكا عشان
أعمل مزيكا ، مش عشان دا طقس و مُجرد هواية . فاهم إنت أجواء عصر الباروك و الناس
اللي في بيوتها بيانو كقطعة أثاث و بيتعلموا مزيكا عشان دا من مُستلزمات الطبقة ؟
المزيكا عندي ، الحاجات كلها عندي مش مُستلزمات طبقة شكلية ساقطة . فعشان كدا أنا
باقول لك أنا عارف حدودي فين تماماً . لما باستخدم blogger مش باستخدمه عشان استمني
أو أعمل أي شكل من أشكال السبّوبّة .. آه فيه منفعة شخصية طبعاً ، لكنها مش
مستمدّة من الآخرين بحال من الأحوال ، مش لإن فيه أي ضرورة بين الاستنفاع من
الآخرين و الرُخص . لأ ، لكن لإن معظم الآخرين _ هنا _ لو استسلمت لهم هتضطر تبقى
أرخص من التراب . بسّ ، و بسّ كدا النهاردا عشان جِبت جاز .
أ.ع : تمام .. سلام مؤقت .