الخميس، 30 يونيو 2016

شيوعية السجاير

من وقت للتاني لازم الواحد يبقى مُلِمّ بالأشياء اللي حواليه، بشكل شديد التركيز، و بالأفعال اللي بيعملها و في مُحيطه بنفس قدر التركيز. التركيز مش التكثيف. لازِم الواحد يبقى مُتنبّه لمُعدلات الهجران و الحسرة و المرارة في الأشياء و في الأفعال حول الأشياء. طَبعًا اللزوم هنا كتصرّف مُختلِف عن الإلزام سوا داخلي أو خارجي. اللزوم من الداخل من داخل تركيبة وَعي أو إدراك مُعيّن مش مُستورَد أو مش مُلصَق عُنوة مع تجربة بعينها. ساعتها التجربة بعينها بتبقى_بديهيًا_تجربة، تانية، بعينها برضو ليها خصائص أقل كثافة من التجربة الأولى وقت المُناسبة بين الاتنين. و ليها حُضور مُستقل في أوعية ليها نفس درجة التناسب مع أوعية أقل كثافة، أو تركيز. 

.

السجاير بالطبع، مش حِلوة، و لا وحشة، ولا مُضرة و لا نافعة. عدّينا الإحكام بالنواتج. و اتعلّمنا الإصغاء لصفات و تصرفات و أفعال الأشياء من غير ما تقول، من غير ما تقول شيء نفهمه، حاليًا، و مراعاة إنها بتقول_هيّ_السجاير و غيرها من أشياء_ما يخصّنا، أو ما يُحيط بينا دايمًا، أو اللي مصنوعين منه و مش في مجال إبصارنا. 

.

سنة تدخين غير تمانية غير خمسة و عشرين. طَبعًا الفكرة دي شعبية حتى في تجلياتها الأدبية. الفكرة دي ليها مَسَار من اتنين: واحد بيولوجي..بالنسبة لرئتيك و باقي جسمك، و [أثر] السجاير عليهم. طَبعًا في الحالة دي ما بنعرفش أي شيء عن أو من أو من خلال السجاير. إحنا بنعرف عن البيولوجيا و عن العِناية لإنهم في مجال إبصارنا و مفيش أي مهام أسطورية ورا السَرد، بالشكل دا بالذات. المسار التاني، هو [خبرة] التدخين، تدجين التدخين نقدر نقول و من غير ما يقدر يقول حد إننا مُفتعلين الجِناس. تراكُم خِبرات [موازية] للتدخين، و مفيش أي منها هوّ بذاته جزء من التدخين. الأثر النفسي و الإدماني [ رجوع للبيولوجيا من طريق غير مُباشر] للتدخين. ف الحقيقة المسار التاني مُفزِع بالنسبة لي أكتر لاحتكاكي بيه أكتر، غصب عني أوقات كتير. المسار التاني هوّ عمل الفَن المُلحق أو المُستَخدِم للتدخين، للسجاير، باعتبارها [تفاصيل] جميلة، أو بتحمل[معاني] خاصّة. معاني كَمالية، تكميلية و تجميلية. أو تتحول المعاني الخاصة [لمعاني مثالية] ترنستندنتالية[مُتعالي]، و تبقى السيجارة، أو التدخين [ و دا خلط شائع بين العمليتين، بسبب تعميم تاريخي وقِح، ممكن نرجع نبيّن بعدين مدى خطورته] مِحوَر، رئيس، أو له أهمية محورية، أو التفكير و كإنه منشأ الأحداث..دا مشكلة رئيسية في إتباع المثالية الرثّة في معظم إنتاجها، الفكري و بالتوازي الفني. على سبيل المثال؛ ففيلم "قهوة و سجاير" لجيم جارموش فيلم جيّد لإنه، و دي المُفاجأة اللي كان مُنتظرها لا أحد لإنه لا أحد يهتم بالتحليلي أو المُباشر لإنه لا أحد مُتبتّل كفاية في قراءة السطوح..فيلم جيد لإنه..فيلم جيّد. الفيلم الجيّد من عناصره مش من المُستورَد لعناصره. الأفلام الجيدة عرضيّة دائمًا و القراءة الجيّدة عليها تتعامَد على جميع نقاط الخَط المُستمر-الفيلم. مُشكلة المُتلقي [الغير مُدرّب على التلقّي، على الإصغاء المتزامن مع بشاعته البارعة في الإسقاط] إنه [بيتابِع] الفيلم..حرفيا..بيتبعُه، بيتتبعه، بيلاحقُه أو بيجاريه، و يحاول_للأسف_بالتزامن_يقيم علاقات مفهومة، دلالية، مَعنوية، و بالتالي [واقعية][بمفهوم واسع عن الواقع]، و بالتالي يقيم دلالات، و مفاهيم، و إشارات، و علاقات للتفاهم مع الفيلم..للمساومة و عقد صفقات الفهم. لازم ناخد بالنا من مُفارقة [التعامد] دي..المتعلّم عارِف إن السطوح لا تشع ضوءا خاصا و إن العين كذلك، و إن فحوى التواصل دا..في الإنارة، الخارجية، في الواقع الفيزيائي..و اللي بتصبح [ الإنارة أقصد] جُزء بنائي من الفيلم، و رغم دا..بنُسقِط و بنحتلّ الفيلم و نستوطنه رغم إن الحاصل[بمُنتهى الفيزيائية و الموضوعية] إنه بيستوطننا، و فعل الاستيطان الحقيقي من الفيلم بيغفَل لسبب مُفاجئي أيضًا..لإنه حقيقي، لإنه الحقيقي. و بيتم الاستبدال و الاستيعاض بالاستيطان الشَكلي مِنّا، لإعادة تأكيد مركزية [جوّانية] آدمية في العالم، و إعادة تأكيد [ خارجًا و موضوعيًا] حقيقة الجَدَل. "قهوة و سجائر" فيلم جيّد..لإن السجاير و القهوة فيه واخدين مساحتهم كأشياء عادية بيمارسها الناس، و بيكثفها المُنتج [مُنتج العَمل الحقيقي:المُخرِج]..طَبعًا لما تخرج من الفيلم دا بالقهوة، و السجاير على إنهم الفيلم..يبقى إنت بتأكّد صِدق الاستنتاجات، التحليلات الوصفية السابقة. 

.

مَفيش أي شيء حتى الآن لُه علاقة بالصِفة الشيوعيّة للسجاير؟ في الواقِع حتى الآن كُل شيء له علاقة [بشيوعية][تفشي] نمط ما اتقال، تفشّي النمط دا بيتسمى صِفة، الانتشار المُتعادل، مش المتساوي. يعني مثلًا شيوعية فيلم ما هو مِعدل [اتزان] الفيلم دا، النمط دا..المُلِم بالقانون التاني للديناميكا الحرارية عارف إنه أي نظام [جديد، حادث عن أنظمة سابقة] عشان يفضل محافظ على اتزانه بيلجأ غالبًا لزيادة الاضطراب، أو ع الأقل الحفاظ و التكريس ليه. بلغة إنسانية أكتر؛ فنجاح أي سستام مُعتمد تمامًا على قُدرته على الفناء، و إمعانه فيه، و حدوث جدل [ أنظمة أخرى مُتفاعلة ] تعيد صناعة الحركة للوصول لتوازن خارجي، و من ثم إحداث اضطراب جديد. باختصار تاني، أي نظام معزول، أي [مجموعة] فرديّة ما بتحكتكّش مفيش أمل تتضاعف أو، تتحرّك. مَفيش فَهم مُطلَق أو مُتزايد من غير غباء أصيل ينكبّ عليه.

.

الحديث عن التدخين مُختلف عن الحديث عن تدخين السجاير. 

.

١ 
في كُل سيجارة بادخنها، بافتكر أفلاطون و نظريته في الدولة و كون شيوعية النساء، بصفتها ممتلكات، كائنات محدودة الفعالية في الحياة [بمفهومها الاقتصادي-التاريخي] واجب و جزء من الفكرة المتكاملة بنائيا و المتساوقة داخليا عند أفلاطون. أفلاطون لا كان "رجعي" أو "ذكوري"، أفلاطون كان عملي. و عدم الموافقة [الحالية] على تصوره لا يعني عدم تفهم تصوّره. السيجارة بتتسم بكونها أنثى محدودة الخيانة، بشكل أدق، أقل الإناث خيانة. أقل الخيانات خيانة لتفرّدك، لفردك. أقصد، التعلق بالسيجارة عمره ما بيحولك لسيجارة أو شيء تَبغي. رغم إن السيجارة نفسها تَبغي [ من التبغ مش من البغي أو الإرادة]، السيجارات بتعطي نفسها ليك بالتساوي، بنفس القدر، بنفس الأهمية، في حد ذاتها، مفيش سيجارة في العِلبة ليها رقم مُعين، أي سيجارة ممكن تبقى العشرين أو الواحد. السيجارة بتعلن عن نفسها عمومًا كمجموعة، مفيش حد بيدخّن سيجارة، فيه بيدخّن سجاير. الفِعل واخد فعاليته من تكراره، و من تكرار و تساوي مفعوله. التساوق و الاتزان في عِلبة السجايرر منشئه إنه السيجارة مشكوك في أمر أنوثتها، السيجارة ما بترجّحش أنوثة في الفِعل أكتر من ترجيحها ذكورة. السيجارة ما بتقولش، الذكور و الإناث بيقولوا عنها إنها "سكسي" للجنسين. السيجارة موضوعية للغاية و ما بتفرضش أيّ شيء عليك. طَبعًا لما تكون بتتكلم بالدقة دي..لازم تراعي إنه السيجارة ما بتعطيش نفسها ليك كمُطلَق إلا داخل حوض و حقل النسبية. لما بنتكلم عن السيجارة-في-ذاتها فإحنا بنتكلم عن السيجارة-في العلبة-من نوع مُعيّن-في ذاتها. السيجارة المُتمثلة أمامك زمكانيًا. السيجارة الآنية.السيجارة الحالية. السيجارة الحاضرة. لإنه السيجارة الفائتة هي سيجارة ميّتة. هي سيجارة راحت. انتهت. فَنِت. سيجارة تتفشى موضوعيتها الجديدة في [نظام] آخر هو الموت. السيجارة القادمة هي سيجارة مشكوك فيها، سيجارة علميّة، ريبيّة، مضطربة و خايفة. السيجارة القادمة بتُعطى موضوعيتها من خلال نظام آخر[العدم-اللاحصول-الاستقبال]. السيجارة الحاضرة هي التوكيد. هي إطالة الانقطاع المتتابع في الزمان. السيجارة الحالية وِحدة قياس طويلة. السيجارة الحالية إيقاف و تثبيت و إخلال في الزمن، بعدميه السابق و اللاحق. 

...يتبع.

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.