السبت، 31 يناير 2015

رُكام نُص الليل 2

السنة الفائتة ألفين و أربعتاشر سنة القتلى و المُصابين و الموتى الأحياء سنة مشحونة بالنسبة للجميع إلاي. و بما إن الناس نامت إلاي برضو و إن مافيش قارئ لي إلاي و إن إلاي عاجباني و باكررها عشان عاجباني مش عشان الفائت حقيقة أو ألحان، فالتذكّر في الحال دا نوع أرقى و أزيَف من التبوّل الإرادي في الشتا القارص* بالنسبة لعالم حارّ، التذكرّ سُكّري* اللاشعور و اللازمان. فيه حقيقة أو حقايق متناقضة بخصوص التذكّر مناقضة تماماً لبعض، مثلاً كون التذكّر أمر شديد الصعوبة في حياة زاخرة بالأحداث و الأفعال و الحركات، للتلاحق و لإن ماحدّش بينزل نفس النهر مرتين فحتّى الذكرى صورة، و ساعتها تبقى الذكرى في ذاتها عمل إبداعي لأنها إعادة ترميم للواقع اللي وقع، الحادثَ اللي جرى على سبع شرقاوي*. قصادها الحقيقة المناقضة تماماً إن التذكّر على نفس درجة الصعوبة في حياة فارغة من أي حدث مادّي أو رمزي، لأن الأحداث في حياة زي دي سبرتو أحمر مُركّز لا وسيلة لحفظه غير الوضع في قزازة. التذكّر شيء صعب لأنه من عمل السكون في الواقع و الخروج مؤقتّاً من الحركة، في الواقع كمان إن تعبير(الخروج مؤقتّاً من الحركة) بيهدم نفسه لأن الوقت حركة، و السكون لو اتعرّف بمقتضيات المادّة المتوفّرة منه هو نوع من الحركة في اتجاه آخر أو على مستوى آخر، و دا يعزّي أصحاب القلوب الضعيفة العاملين بأدمغتهم مش بأيديهم. بسّ إحنا مش عاوزين نعزّي العَطَلَة، بس بالمُقتضيات نفسها، السابقة، فالعَطَلة عَطَلة مُخ، لأن التذكر وعيّ و استقراء و تحليل و استنتاج، الزمن مش أحداث. فالعاملين بأيديهم و أرجلهم و المش عاملين بأيديهم و أرجلهم مش هيعرفوا أي حاجة إلّا لما يكون عندهم قدر يسير من تذكّر مش مبني على الأحداث.
هيّ الفكرة مش جديدة و موجودة من القرن الستّاشر. مش في محل بحث الفكرة لكن لازم نتَّفِق على إننا كلنا عاجزين عن التذكّر. أنا حياتي عبارة عن تأرجح غير منتظم بين حياة الفعل و فعل الحياة، بين العمل بالإيد و بين العمل من غير إيد. و مثال البشريّة الحقيقة طول الوقت هوّ اتساق العملين؛ واقع ينساق ورا المثال العقلي أو مثال عقلي يتكوّن من مواد الواقع. عودٌ للتبوّل الإرادي و التذكّر و انحطاط التشبيه من وجهة نظر البلاغيين العَرَب الكلاسيكيين، النُكتة في موضوع التبوّل و التذكّر إن "البال"و"البول"أوفعل"بال" نفس المادّة، البال الخاطر يعني و بالَ يبولُ، ما أحبّش أعلّق فالنوع دا من المشابهات حامل لحلاوته و طرافته جوّاه و الشرح قلّة ذوق. سنة ألفين و أربعتاشر سنة مش هيشتريها منّي المُنتج و صاحب المكتبة و أنا ما احبّش أتاجر فيها، اللهم إلا مع تاجر مُحبّ للفن التقليلي، هياخد لوحة بيضاء من غير سوء. كانَ عاماً شديد العموميّة.

* قارص: قارس، تغيير مقصود، التنبيه منعاً لأصحاب النفوس الضعيفة من هواة التفكّه في لغة خلق الله.
* سُكّري: مرض السكّر.
*سبع شرقاوي: أدهم الشرقاوي.



ليست هناك تعليقات: